الثلاثاء، 17 يناير 2012

ضرب المراة ومشروعيته في الاسلام.

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم 
 
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبى الأمى الأمين و على أله و صحبه و من اتبع سنته إلى يوم الدين نستغفر الله العظيم رب العرش العظيم من شر المحدثات و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة فى النار .. وبعد :
 
 
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أنيضرب زوجته بلا مسوّغ، وجعل لها الحق الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أنترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْفِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْعَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء:70].وليس حسنالمعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه، بل هو تكليفواجب.قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لايجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها »رواه البخاري ومسلم.فهذاالحديث من أبلغ ما يمكن أن يقال في تشنيع ضرب النساء؛ إذ كيف يليق بالإنسان أن يجعلامرأته -وهي كنفسه- مهينة كمهانة عبده بحيث يضربها بسوطه، مع أنه يعلم أنه لا بد لهمن الاجتماع والاتصال الخاص بها.ولا يفهم مما مضى الاعتراض على مشروعية ضربالزوجة بضوابطه، ولا يعني أن الضرب مذموم بكل حال.لا، ليس الأمر كذلك؛ فلا يطعنفي مشروعية الضرب إلا من جهل هداية الدين، وحكمة تشريعاته من أعداء الإسلامومطاياهم ممن نبتوا من حقل الغرب، ورضعوا من لبانه، ونشأوا في ظله. هؤلاء الذينيتظاهرون بتقديس النساء والدفاع عن حقوقهن؛ فهم يطعنون في هذا الحكم، ويتأففون منه،ويعدونه إهانة للمرأة. وما ندري من الذي أهان المرأة؟ أهو ربّها الرحيم الكريم الذييعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
أم هؤلاء الذين يريدونها سلعة تمتهن وتهان، فإذاانتهت مدة صلاحيتها ضربوا بها وجه الثرى؟ إن هؤلاء القوم يستنكفون من مشروعية تأديبالمرأة الناشز، ولا يستنكفون أن تنشز المرأة، وتترفع على زوجها، فتجعله -وهو رأسالبيت- مرؤوساً، وتصر على نشوزها، وتمشي في غلوائها، فلا تلين لوعظه، ولا تستجيبلنصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره.تُرى كيف يعالجون هذا النشوز؟ وبم يشيرون علىالأزواج أن يعاملوا به الزوجات إذا تمَرَّدْنَ ؟
لعل الجواب تضمنه قول الشنفرىالشاعر الجاهلي حين قال مخاطباً زوجته:
فلــــم أنكـــــر عليكفطلّقـيني.......إذا ما جئتِ ما أنهاكِ عنه بسوطك -لا أبا لكِ- فاضربيني.......فأنتِ البعلُ يومئذٍ فقومي 
نعم لقد وجد من النساء -وفيالغرب خاصة- من تضرب زوجها مرة إثر مرة، والزوج يكتم أمره، فلما لم يعد يطيق ذلكطلَّقها، حينئذٍ ندمت المرأة، وقالت: أنا السبب؛ فلقد كنت أضربه، وكان يستحيي منالإخبار بذلك، ولما نفد صبره طلَّقني!وقالت تلك المرأة القوامة: أنا نادمة علىما فعلت، وأوجه النصيحة بألا تضرب الزوجات أزواجهن!لقد أذن الإسلام بضرب الزوجةكما في قوله تعالى : { وَاللاَّتِي تَخَافُونَنُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ }[النساء:34].وكما في قوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: « ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإنفعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح ».ولكن الإسلام حين أذن بضربالزوجة لم يأذن بالضرب المبرح الذي يقصد به التشفي، والانتقام، والتعذيب، وإهانةالمرأة وإرغامها على معيشة لا ترضى بها.وإنما هو ضرب للحاجة وللتأديب، تصحبهعاطفة المربي والمؤدب؛ فليس للزوج أن يضرب زوجته بهواه، وليس له إن ضربها أن يقسوعليها؛ فالإسلام أذن بالضرب بشروط منها: أ- أن تصر الزوجة على العصيان حتى بعدالتدرج معها.ب- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير؛ فلا يبادر إلى الهجر فيالمضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجربالهجر؛ ذلك أن العقاب بأكثر من حجم الذنب ظلم.ج- أن يستحضر أن المقصود من الضربالعلاجُ والتأديب والزجر لا غير؛ فيراعي التخفيف فيه على أحسن الوجوه؛ فالضرب يتحققباللكزة، أو بالمسواك ونحوه.د- أن يتجنب الأماكن المخوفة كالرأس والبطنوالوجه.هـ - ألا يكسر عظماً، ولا يشين عضواً، وألا يدميها، ولا يكرر الضربة فيالموضع الواحد.و- ألا يتمادى في العقوبة قولاً أو فعلاً إذا هي ارتدعت وتركتالنشوز.
فالضرب - إذاً - للمصلحة لا للإهانة، ولو ماتت الزوجة بسبب ضربالزوج لوجبت الدية والكفارة، إذا كان الضرب لغير التأديب المأذون فيه. أما إذا كانالتلف مع التأديب المشروع فلا ضمان عليه، هذا مذهب أحمد ومالك، أما الشافعي وأبوحنيفة فيرون الضمان في ذلك، ووافقهم القرطبي -وهو مالكي-.وقال النووي -رحمهالله- في شرح حديث حجة الوداع السابق: "وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأتهللتأديب، فإن ضربها الضرب المأذون فيه فماتت وجبت ديتها على عاقلة الضارب، ووجبتالكفارة في ماله".ومن هنا يتبين لنا أن الضرب دواء ينبغي مراعاة وقته، ونوعه،وكيفيته، ومقداره، وقابلية المحل، لكن الذين يجهلون هداية الإسلام يقلبون الأمر،ويلبسون الحق بالباطل.ثم إن التأديب بالضرب ليس كل ما شرعه الإسلام من العلاج،بل هو آخر العلاجات مع ما فيه من الكراهة؛ فإذا وجدت امرأة ناشز أساءت عشرة زوجها،وركبت رأسها، واتبعت خطوات الشيطان، ولم ينجع معها وعظ ولا هجران، فماذا يصنع الرجلفي مثل هذه الحال؟
هل من كرامته أن يهرع إلى مطالبة زوجته كلما نشزت؟ وهل تقبلالمرأة ذلك، فينتشر خبرها، فتكون غرضاً للذم، وعرضة للَّوم؟
إن الضرب بالمسواك،وما أشبهه أقلُّ ضرراً على المرأة نفسها من تطليقها الذي هو نتيجة غالبة لاسترسالهافي نشوزها، فإذا طُلِّقت تصدع بنيان الأسرة، وتفرق شملها، وتناثرت أجزاؤها.وإذاقيس الضرر الأخف بالضرر الأعظم كان ارتكاب الأخف حسناً جميلاً، كما قيل: وعندذكر العمى يستحسن العورُ..
فالضرب طريق من طرق العلاج يجدي مع بعض النفوسالشاردة التي لا تفهم بالحسنى، ولا ينفع معها الجميل، ولا تفقه الحجة، ولا تقادبزمام الإقناع.ثم إذا أخطأ أحد من المسلمين سبيل الحكمة، فضرب زوجته وهي لاتستحق، أو ضربها ضرباً مبرحاً، فالدين براء من تبعة هذه النقائص، وإنما تبعتها علىأصحابها.هذا وقد أثبتت دراسات علم النفس أن بعض النساء لا ترتاح أنفسهن إلا إذاتعرضن إلى قسوة وضرب شديد مبرح، بل قد يعجبها من الرجل قسوته، وشدته، وعنفه؛ فإذاكانت امرأة من هذا النوع فإنه لا يستقيم أمرها إلا بالضرب.وشواهد الواقعوالملاحظات النفسية على بعض أنواع الانحراف تقول: إن هذه الوسيلة قد تكون أنسبالوسائل لإشباع انحراف نفسي معين، وإصلاح سلوك صاحبه، وإرضائه في الوقت ذاته؛ فربماكان من النساء من لا تحس قوة الرجل الذي تحب أن يكون قواماً عليها إلا حين يقهرهاعضلياً.وليست هذه طبيعة كل امرأة، ولكن هذه الصنف من النساء موجود، وهو الذييحتاج إلى هذه المرحلة الأخيرة؛ ليستقيم على الطريقة.والذين يولعون بالغرب،ويولون وجوههم شطره يوحون إلينا أن نساء الغرب ينعمن بالسعادة العظمى مع أزواجهن. ولكن الحقيقة الماثلة للعيان تقول غير ذلك؛ فتعالوا نطالع الإحصاءات التي تدل علىوحشية الآخرين الذين يرمون المسلمين بالوحشية.
أ- نشرت مجلة التايمالأمريكية أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث من جانب الزوج كل عام، وأنهمن ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن لضرب يؤدي إلى الموت، وأن رجال الشرطة يقضونثلث وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي.انظر دور المرأة المسلمة فيالمجتمع إعداد لجنة المؤتمر النسائي الأول ص45.
ب- ونشر مكتب التحقيقاتالفيدرالي الأمريكي عام 1979م أن 40% من حوادث قتل النساء تحدث بسبب المشكلاتالأسرية، وأن 25% من محاولات الانتحار التي تُقْدم عليها الزوجات يسبقها نزاععائلي. انظر دور المرأة المسلمة في المجتمع ص46.
ج- دراسة أمريكية جرت فيعام 1407هـ-1987م أشارت إلى 79% يقومون بضرب النساء وبخاصة إذا كانوا متزوجين بهن.وكانت الدراسة قد اعتمدت على استفتاء أجراه د.جون بيرير الأستاذ المساعد لعلم النفسفي جامعة كارولينا الجنوبية بين عدد من طلبته.وقد أشارت الدراسة إلى أن استعدادالرجال لضرب زوجاتهم عالٍ جداً، فإذا كان هذا بين طلبة الجامعة فكيف بمن هو دونهمتعليماً؟
د- وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية جاء أن 17% من النساء اللواتي يدخلن غرف الإسعاف ضحايا ضرب الأزواج أو الأصدقاء، وأن 83% دخلن المستشفيات سابقاً مرة على الأقل للعلاج من جروح وكدمات أصبن بها كان دخولهننتيجة الضرب.وقال إفان ستارك معد هذه الدراسة التي فحصت (1360) سجلاً للنساء: إن ضرب النساء في أمريكا ربما كان أكثر الأسباب شيوعاً للجروح التي تصاب بهاالنساء، وأنها تفوق ما يلحق بهن من أذى نتيجة حوادث السيارات، والسرقة، والاغتصابمجتمعة.وقالت جانيس مور -وهي منسقة في منظمة الائتلاف الوطني ضد العنف المنزليومقرها واشنطن-: إن هذه المأساة المرعبة وصلت إلى حد هائل؛ فالأزواج يضربون نسائهمفي سائر أنحاء الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى دخول عشرات منهن إلى المستشفياتللعلاج.وأضافت بأن نوعية الإصابات تتراوح ما بين كدمات سوداء حول العينين،وكسور في العظام، وحروق وجروح، وطعن بالسكين، وجروح الطلقات النارية، وما بين ضرباتأخرى بالكراسي، والسكاكين، والقضبان المحماة.وأشارت إلى أن الأمر المرعب هو أنهناك نساء أكثر يُصبن بجروح وأذى على أيدي أزواجهن ولكنهن لا يذهبن إلى المستشفىطلباً للعلاج، بل يُضمِّدن جراحهن في المنزل.وقالت جانيس مور: إننا نقدّر بأنعدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام يصل إلى ستة ملايين امرأة، وقد جمعنامعلومات من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالية، ومن مئات الملاجئ التي توفر المأوىللنساء الهاربات من عنف وضرب أزواجهن.انظر من أجل تحرير حقيقي ص16-21 وانظر المجتمعالعاري بالوثائق والأرقام ص56-57.
هـ - وجاء في كتاب "ماذا يريدون منالمرأة" لعبدالسلام البسيوني ص36-66، ما يلي: 
-
ضرب الزوجات في اليابان هو السببالثاني من أسباب الطلاق.
-772 
امرأة قتلهن أزواجهن في مدينة ساوباولو البرازيليةوحدها عام1980م.
-
يتعرض ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين من الأمريكيات للإهانةالمختلفة من أزواجهن وعشّاقهن سنوياً.
-
أشارت دراسة كندية اجتماعية إلى أن ربعالنساء هناك -أي أكثر من ثمانية ملايين امرأة- يتعرضن لسوء المعاملة كل عام.
-
فيبريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهنعلى مدار السنين الخمس عشرة الماضية.
-
تتعرض امرأة لسوء المعاملة في أمريكا كلثمان ثوان.
-
مائة ألف ألمانية يضربهن أزواجهن سنوياً، ومليونا فرنسية.
-60% 
من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل-هي نداءاتاستغاثة من نساء تُساء معاملتهن.
وبعد فإننا في غنى عن ذكر تلك الإحصاءات؛لعلمنا بأنه ليس بعد الكفر ذنب. ولكن نفراً من بني جلدتنا غير قليل لا يقع منهمالدليل موقعه إلا إذا نسب إلى الغرب وما جرى مجراه؛ فها هو الغرب تتعالى صيحاته منظلم المرأة؛ فهل من مدّكر؟
فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر إذا لم يكن للمرء عينصحيحة..
مقال للكاتب محمد بن ابراهيم الحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق