الاثنين، 25 يونيو 2012

النبي صلى الله عليه وسلم والسياسة

 .



االنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سياسي من طراز رفيع أسّس اعظم بنيان حضاري للانسان... ولم يزل منهج ودستور الدولة والامة التي انشأها حيا نابضا بيننا ينتظر العقل المستثمر والبصيرة الواعية والفكر المدرك ليريح البشرية من جديد من حضارة المادة الصرفة التي همشت الانسان وابادت الخلق والاخلاق بحجة الديمقراطية...
والسياسة التي مارسها عليه افضل الصلاة واتم التسليم تستند اساسا على الوضوح والصدق في التعامل وعلى مصلحة الدعوة والعقيدة الصافية النقية وعلى مصلحة الجماعة المسلمة والدولة المسلمة والامة الاسلامية... فهي الرؤية الواضحة المشتركة مع كل اتباعه وهي الثوابث التي لا تنازل عنها مهما اشتد الخطب وعصفت المحن وهي الانجاز والنصر والتمكين والثبات.
ومحور البناء والمشروع برمته الرجل الصادق الامين المؤمن المتيقن من نصر الله عز وجل ومن ثم الرجال من صحبه والجماعة والدولة من بعد من حوله ومن جوانب سياسته صلى الله عليه وسلم:

- مارس النبي صلى الله عليه وسلم السياسة من أول يوم من بعثته فأوجد الجماعة السرية ثم الجماعة العلنية التي تدعو إلى تغيير نظام المجتمع وعقيدته، واستخدم كل وسائل الإعلام من خطبة واتصال فردي وحرب إعلامية بالشعر وغيره، وهذا كله من السياسة.

- كتابة وثيقة المدينة.

- تعيين الولاة والقضاة وإرسال الرسل إلى ملوك الدول الغير إسلامية، وهذا كلهُ من السياسة.

- صلح الحديبية كمثال لقدرته السياسية صلى الله عليه وسلم:
لم يكن النبي القدوة صلى الله عليه وسلم رسولاً لأشرف رسالة فقط بل كان أيضا سياسيا من الطراز الأول, وأكد أنه أفضل من أجاد كسب المعارك السياسية في التاريخ.
وجاءت أول عمرة للمسلمين في مكة لتكون أبرز مثال على المهارة السياسية وقدراته في التفاوض حتى أرغم "قريش" على الرضوخ لشروطه وإبرام عقد الصلح معه.
في هذه المرحلة أيضا ضرب الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم أول مثل لأسلوب الهجوم بالسلام ليجبر عدوه على الرضوخ لما يريده طالما أن هدفه الأسمى هو توصيل الرسالة ودخول العرب جميعاً إلى الإسلام..

مأزق قريش:
أن قرار الرسول صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى مكة لأداء العمرة، أحرج "قريش " فقد كان أمام القبيلة التي تقود الجزيرة العربية، حل من ثلاثة لمواجهة هذا المأزق..
الحل الأول :تخيل أنني أحاربك لمدة 6 سنوات ثم فوجئت بي أمام باب مكة، وأنا أرتدي ملابس الإحرام وأقول: "لبيك اللهم لبيك" وزعامة قريش الدينية تقوم على فكرة أنها لا تمنع أحداً جاء إلى مكة لكي يعتمر.
فكان أمام قريش أن تمنع الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم من أن يدخلوا البيت الحرام لأداء العمرة، فإذا ما فعلت ذلك فإنها تفقد زعامتها الدينية في الجزيرة العربية.
وقريش أشاعت أن محمدا وأصحابه متمردون وخارجون على القانون والنظام، فإذا ما رفضت قريش دخولهم مكة، فإن القبائل سوف تتعاطف مع محمد وأصحابه، وستبدأ الجزيرة العربية في الاستماع إليه.
البديل الثاني: أمام قريش كان أن تترك محمدا وأصحابه يدخلون مكة.. وهذا انتصار له، حيث أن ذلك يعني أن مشاكله مع قريش سويت، وأن على العرب أن يستمعوا إليه.
البديل الثالث: أن ترفض دخول محمد إلى مكة على أن تتفق معه على صلح لا يدخل بموجبه مكة ففي ذلك العام، لكن يدخلها في العام التالي.. وهذا انتصار أكبر لمحمد حيث إن إبرام الصلح
يعني أنه لم تعد هناك مشكلة تحول دون دخول العرب في الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بهذه البدائل كلها يكسب الحرب الدبلوماسية أو السياسية مع قريش.
الأبعاد السياسية لأول عمرة:
هل وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه "سياسي" ينال من جلال مكانته؟
هذا الوصف ليس عيبا.. فالنبي أفضل من أجاد كسب المعارك السياسية في التاريخ.. إذن العمرة كان لها بعد سياسي خطير في الوصول إلى الهدف.. وهو توصيل الرسالة.
لم يكن أمام قريش سوى حل واحد وهو أن تذيع على الناس أن محمدا لم يأت لأداء العمرة لكنه جاء للحرب.
لكن النبي وضع خطة مضادة تفسد على قريش اللجوء إلى ذلك الحل.

ما تفاصيل هذه الخطة؟
تفاصيلها أن النبي خرج في شهر من الأشهر الحرم، ومعنى ذلك أنه لن يحارب، إلى جانب أنه لم يخرج إلى العمرة بالمسلمين وحدهم، إنما خرج ومعه وفود من القبائل المحيطة بالمدينة من غير المسلمين كانوا يرغبون في أداء العمرة.. فإذا كان خارجا للحرب فإنه كان سيخرج بالمسلمين فقط.
وهذا درس لنا ينبغي أن نستوعبه جيدا، أن نعمل على إشراك الآخرين معنا في قضايانا المصيرية، فنشرك الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، وندخل في شراكات مع الكتل الإقليمية، لنجعل قضيتنا محور اهتمامهم.

التهديد بفضح قريش:
ما دلالة إشراك غير المسلمين في العمرة؟
دلالة ذلك أن النبي قادر على التعايش مع غير المسلمين طوال الرحلة المضنية من المدينة إلى مكة، فإذا ما منعت قريش محمدا صلى الله عليه وسلم ومن جاءوا معه من أداء العمرة، فإنها تكون قد منعت العرب، وليس المسلمين وحدهم، من أداء شعائرهم الدينية.
إضافة لذلك اصطحب النبي معه "الهدي" والهدي هي الخراف التي ستذبح.. وقد اصطحبها معه إثباتا لحسن النية، فلو منعوه وأصحابه من دخول مكة، فإنه سيقوم بذبح خراف الهدي تنفيذا لأوامر الله سبحانه، واصطحاب الهدي سياسة عميقة تدل على حسن النية أمام العرب جميعا، إضافة إلى ما تتضمنه من تهديد بفضح قريش.
إنه صلى الله عليه وسلم كان يجبر "قريش" على الرضوخ للسلام، كان يهاجمها بالسلام، وكان يستطيع أن يحشد جيشا للقضاء عليهم، لكنه لم يكن هناك داع حقيقي للجهاد، كانت الروح المعنوية للصحابة في ذروتها، وكانوا يتوقون إلى الاستشهاد.
وحين ارتدى النبي صلى الله عليه وسلم ملابس الإحرام وساق الهدي أمامه وقال: إني مرتحل للعمرة فتجهزوا، فيقوم 1400 صحابي بالاستعداد للسفر إلى مكة ومعهم هديهم، كل من المهاجرين يشتاق إلى رؤية بيته في مكة، ورؤية مسقط رأسه وموطنه.. ولا يعرف هذا الشعور إلا الذي قاسى البعد عن وطنه، ولا يستطيع السفر إليه.

كمين خالد بن الوليد :
ماذا فعلت قريش عندما علمت بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى مكة؟
أقسمت قريش: لا يدخل علينا أبدا، وجهزت كتيبة من مائتي فارس مسلح، بينما النبي ليس معه إلا 40 حصانا بفرسانها، بأسلحة غير قتالية أو شخصية لحماية المسيرة، وعينوا خالد بن الوليد قائدا لفرسان قريش، ليلتقي بالمسلمين في الطريق قبل أن يصلوا إلى مكة، حتى لا تبدو قريش وقد منعت محمدا وصحبه من أداء الشعائر الدينية.
يخرج خالد بن الوليد بفرسانه ويقبع في منطقة على الطريق إلى مكة لانتظار النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.. لكن عيون النبي صلى الله عليه وسلم ومخابراته أخبروا النبي بموقع كمين خالد بن الوليد.. وقالوا للنبي: إن خالدا وجنوده قد لبسوا لباس الحرب وأقسموا ألا تدخل مكة أبدا حتى يموت آخر رجل منهم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشيروا عليَّ أيها الناس"؟
القائد يعطي لجنوده وشعبه حق المشورة فيمنحه شعبة القوة.. ويقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه ويقول: يا رسول الله والله ما خرجنا لنقاتل الناس ولكن خرجنا للعمرة، فإن قاتلونا قاتلناهم حتى نعتمر، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم.. ثم نادى.
"من رجل يدلني على طريق، وإن كان وعرا أتجنب به خالد والفرسان"؟
فيخرج صحابي ويقول: أنا أعرف طريقا يا رسول الله لكنها وعرة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم، نذهب إليها "ويتجه النبي وصحبه إلى تلك الطريق، ويتوغل بوفده حتى يصل إلى منطقة اسمها الحديبية، فينتبه خالد بن الوليد إلى خطة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن يكون النبي وصحبه قد وصلوا إليها فيعود مسرعا بالفرسان لإنذار قريش، وبهذا تكون خطتهم قد فشلت.

رسالة السلام:
وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مشارف مكة ومعه أصحابه من المسلمين وغير المسلمين – وإن كانوا قلة- ومعه الهدي، وهم يلبسون ملابس الإحرام ويصيحون بالتلبية: "لبيك اللهم لبيك".. يريدون أن يعتمروا.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أسمي محمد بن عبد الله، وجدي هو الذي حفر بئر زمزم، والذين معي هم أهل مكة، فهل ستمنعون دخولنا على مرأى من العرب؟ أم ستتركوننا ندخل فيسمعني العرب؟ أم ستوقعون الصلح معي وأيضا يسمعونني"؟
جمعت قريش قادة الجزيرة العربية بمجرد علمها بوصول محمد. فيأتي قائد خزاعة أديب بن ورقاء، ويأتي قائد الأحابيش حديث بن علقمة، ويأتي قائد ثقيف من الطائف عروة بن مسعود "الذي سبق أن رد على النبي صلى الله عليه وسلم ردا قاسيا عندما ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام".. ويجتمع هؤلاء في دار الندوة ومعهم عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو.. قادة العرب مع قادة العرب مع قادة قريش، وغاب أبو سفيان عن اللقاء . أين كان أبو سفيان؟ لم يحضر...
انكسر بعد غزوة الخندق، فتهمش دوره مرحليا في الحديبية، وانتقلت القيادة منه إلى الشباب الطائش،

سر ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم:
عند الحديبية أثناء سير الركب، بركت ناقة النبي، فقالوا لها: "حل حل" لتنهض فتقوم من مكانها ثم تبرك مرة أخرى. فظنوها عصيت الرسول صلى الله عليه وسلم.. فقال النبي ما خلأت "القسواء" – أي ما عصيت – وما ذلك لها بخلق ولكن حسبها حابس الفيل "فيل أبرهة" عندما توقف تعظيما للبيت الحرام، ومعنى أن تبرك ناقة الرسول، أنها إشارة بأن دخولها سيسبب صداما، ونحن نريد السلام لا الصدام، فبقى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان، ويقول: "لن ندخل.. انتظروا".
والصحابة تنتقل مشاعرهم من حال إلى حال.. فمرة يقال لهم أنتم ذاهبون إلى العمرة، ثم يقال لهم: هناك قتال.. ثم يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم منهم أن ينتظروا دون عمرة أو قتال، وهم يطيعون الأوامر في كل حال.
ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والله لا تدعوني قريش إلى خطة "صلح" يعظم فيها صلة الرحم إلا أجبتهم إليها." هو يريد الصلح، يريد توصيل الرسالة للدنيا.
معجزة البئر:
بين الحديبية ومكة تسعة أميال وعندما وصل الرسول وصحبه كانوا يشعرون بعطش شديد، فسأل النبي: "أيوجد هنا بئر"؟ قالوا: توجد بئر جفت يا رسول الله.
قال: "أمعنا ماء"؟ قالوا: قليل جدا، قال: "ائتوني به"، فجيء بالماء وتوضأ النبي في هذا الماء ثم ظل يدعو ويدعو ثم قال: "ألقوا الماء في البئر" , ثم أخذ سهما من كنانته وقال: "أغرسوا السهم في قاع البئر" ، فغرسوا السهم، فانفجرت البئر بالماء فظل الألف وأربعمائة رجل يشربون ويغتسلون منه لمدة 20 يوما، حتى غادروا الحديبية.
طوال الرحلة من المدينة إلى الحديبية كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدو في صورة السياسي البارع، وكان لابد من معجزة لنتذكر أنه النبي صلى الله عليه وسلم!!.. وقصة السهم وتفجر الماء من البئر ذكرها البخاري ، ولا يزال المستشرقون في دهشة من هذه المعجزة!!

فن التفاوض:
كيف تصرفت قريش أمام هذه الشجاعة والإقدام من النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته السياسية؟
قرروا إرسال من يفاوضه.. لكن النبي صلى الله عليه وسلم يبادرهم بإرسال صحابي اسمه خراش بن أمية وأمره أن يذهب إليهم راكبا ناقة الرسول وقال له: "قل لهم إني جئت معتمرا ومعي الهدي ولم آت لحرب، وأني سأرتحل بمجرد أن أنهي عمرتي".
لكنه لم يقل لهم أنه يرغب في إبرام معاهدة صلح، لأنهم لم يتهيئوا لذلك بعد، وحتى لا يخسر ميزة تفاوضية.
والمفاوضات علم و فن، والنبي صلى الله عليه وسلم يمتلكها. بدأت المفاوضات بعد ذلك بأن أرسلوا أول مفاوض لاستطلاع فكره وشروطه، قال لهم: خلوا بيني وبين الناس، أي أتركوني أتحدث إلى الناس، ولم يتنازل عن هذا الشرط .

لم آت للحرب :
أول مفاوض جاء كان سيد خزاعة "بديل بن ورقاء" وحين رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال": هذا رجل عاقل."
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قل لهم إني لم آت للحرب ولا أريد قتال أحد ولكني جئت للعمرة".قل لهم إن قريشا أنهكتها الحرب وأضرت بمصالحها.قل لهم إن شئتم أن تماددوني مدة "أي إبرام صلح لمدة معينة" قبلت ذلك.وقل لهم أن يخلوا بيني وبين الناس.قل لهم إن شئتم أن تدخلوا فيما سيدخل فيه الناس من دين الله أسعد بذلك.قل لهم إن أبوا أن يخلوا بيني وبين الناس أو يماددوني مدة فو الله الذي لا إله إلا هو لأقاتلنهم حتى تنفرد سريرتي -أي تقطع رقبتي."-
فقال بديل: قد وعيت ما قلته يا محمد، فذهب إليهم وقال: أيها الناس لا تقفوا أمام هذا الرجل هو والله يدعوكم إلى خير الدنيا، فقال عكرمة: لا تخبرنا عنه ولكن أخبره عنا أنه لم يدخل علينا مكة عنوة فتعرف العرب أنه دخل غصبا عن قريش.
فقال عروة بن مسعود سيد ثقيف:
ما هذا يا عكرمة.. عجبا أترفض أن تسمع ما قاله الرجل؟.. فقال: قل، فقال بديل: الرجل يعرض السلم وليس داعيا إلى الحرب، وقد جاء للعمرة، وأنا أقول لكم: خلوا بينه وبين الحرم وإني مرتحل بمن معي من خزاعة.. وهكذا فتت النبي صلى الله عليه وسلم تحالف القبائل.
ثم أرسلوا للنبي مكرز بن حفص، فقال النبي حين رآه: "هذا رجل غادر"، وكرر النبي له نفس الكلام، ثم أرسلوا سيد الأحابيش فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذلك رجل يعظم شعائر الله، أطلقوا الهدي أمامه وارفعوا أصواتكم بالتلبية"، فيعود الرجل أدراجه ويقول لهم: أتدعون سفلة قريش يطوفون بالبيت ويمنع ابن عبد المطلب. الرجل جاء للعمرة والله لا يمنه، إن منع هلكت قريش. ويذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود يفاوضه، يريد أن ينتزع لقريش أكبر مكاسب ويقلل من مكاسب النبي صلى الله عليه وسلم.. ثم أخيرا يذهب أبو سفيان سيد قريش الذي أبرم صلح الحديبية.

تجربة الثورة الملونة في كينيا 2007

مقال منقول و مترجم من موقع المعارض الامريكي جلين بيك.
المقال الأصلي :

وضع جورج سوروس من خلال منظمات المجتمع المدني 5 نقاط في استراتيجياته لتدبير الانقلابات و زعزعة استقرار الدول.
و هذا ما تم في يوغوسلافيا 2000 - جورجيا 2003 - الثورة البرتقالية في اوكرانيا 2004 و ايضا في كينيا 2007 و لكن سيناريو كينيا كان شنيع.


بعد انتخابات كينيا في 2007 طالب نشطاء تابعين لمنظمات المجتمع المدني لجورج سوروس بالانقلاب على نتيجة الانتخابات.

اندلعت اعمال العنف و الفوضى في البلاد مؤدية لمقتل اكثر من الف شخص و تشريد 350 الف من منازلهم و تعرض الآلاف للإصابات و التعذيب و الاغتصاب.

استراتيجية التغيير لجورج سوروس المكونة من خمس نقاط هي :
1. توغل نشطاء المجتمع المدني داخل البلد المستهدف تحت غطاء المنظمات الغير ربحية و المساعدات الانسانية (توغل الطابور الخامس).
2. السيطرة على وسائل الاعلام داخل البلد من خلال وسائل الاعلام المستقلة بتمويل من جورج سوروس.
3. زعزعة استقرار البلد المستهدف من خلال التلاعبات الاقتصادية و التحريض السياسي.
4. انتظار الانتخابات ثم اتهام النظام بتزويرها.
5. الانتشار في الشوارع بميليشيات مسلحة تم تدريبها و تمويلها في معسكرات منظمات المجتمع المدني 
مطالبين بالانقلاب على نتائج الانتخابات.

بدأ سوروس فعاليات التغيير في كينيا منذ عام 2004 اطلق رسميا في 2005 مبادرة المجتمع المفتوح لشرق افريقيا (OSIEA) و مقرها في نيروبي و ميزانية قدرها 1.1 مليون دولار.


كان الهدف الرئيسي من هذه المبادرة في شرق أفريقيا "تعزيز المشاركة الشعبية في الحكم الديمقراطي" و "تهيئة الظروف لإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة وغير عنيفة في كينيا عام 2007"، و ذلك بحسب التصريحات الرسمية.

و بالفعل بدأت منظمات سوروس في تعبئة الشباب للعمل السياسي تحت هذه المنظمات و تم إنشاء ما سمي بالاعلام المستقل. 

و تم استقطاب آلاف من الشباب للانضمام لأهداف تلك المنظمات و تدريبهم و في نفس الوقت قام سوروس بتمويل محطة راديو شبابية تسمى "كوش اف ام" و كانت هذه القناة تبث في اكثر الاحياء الفقيرة و العنيفة في نيروبي و كانت تبث الموسيقى العنيفة مع التدريب على تقنيات المشاركة السياسية. و كان من المتوقع ان تصل المحطة لاكثر من مليون نيروبي.

و بالفعل مثلت الأحياء الفقيرة في نيروبي المركز الرئيسي لاحداث العنف التي تلت انتخابات سبتمبر 2007 حيث اشتبك النشطاء بالشرطة في حرب شوارع.

كانت تدور الانتخابات بين الرئيس مواي كيباكي ضد منافسه رايلا أودنجا قائد حركة أورانج الديمقراطية (ODM) حيث سميت بذلك تيمنا بالثورة البرتقالية في أوكرانيا حيث استولى فيكتور يوشينكو على السلطة في اوكرانيا بعد اتهام الانتخابات بالتزوير و نزول حركات المعارضة للشوارع.


في ديسمبر 2007 تم الابلاغ عن حدوث مخالفات انتخابية من كلا الجانبية و ادعى كيباكي أن نسبة من فرز الاصوات مشكوك فيها و طعن اودنجا في نتيجة الانتخابات.
و خلف فوز كيباكي كانت تقف مجموعة أيضا من النشطاء الكينيين و التي سميت فيما بعد "الكينين من أجل السلام، الحقيقة و العدالة" (KPTJ) و أحد النشطاء في هذه الحركة يسمى شيالجا باتل Shailja Patel كتب فيما بعد وراء الكواليس كانت تقف منظمات المجتمع المدني لجورج سوروس خلف هذه الحركة ايضا "الكينيين من اجل السلام، الحقيقة و العدالة".


و في خلال ساعات بعد الانتخابات أصدرت حركة KPTJ بيانا تندد فيه بالعملية الانتخابية و ناشدت المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بالرئيس كيباكي، و كان فريق العمل المباشر في الحركة يلتقي يوميا في تحد للحظر الحكومي على الجمعية العامة ملتقين بعدة فئات من المجتمع في طول البلاد و عرضها لتحويل غضبهم الى رد فعل.
و لسوء الحظ اختار الكينيين في توجيه غضبهم أعمال عنف مروعة المستندات المقدمة من قبل المحكمة الدولة لاحظت أن هذه الهجمات ضد السكان المدنيين في كينيا كانت واسعة النطاق و منهجية و تمت من جانب اعضاء في كلا حركتي المعارضة "حركة اورانج الديمقراطية" الداعمة لاودنجا و حركة "الكينيين من اجل السلام و الحقيقة و العادلة" الداعمة لكيباكي حيث كلا الحركتين يمولهما منظمات المجتمع المدني لجورج سوروس. 


و أوضحت مستندات المحكمة الدولية أن القيادات السياسية قامت بتجنيد عصابات من الشباب و الميليشيات لنشر الفوضى و الرعب و القتل و تدمير الممتلكات العامة. و في شهرين من الفوضى التي عمت كينيا بعد الانتخابات قتل نحو 1100 شخص جرح 3561 و اغتصبت مئات النساء و تم تعذيب مئات الاشخاص و تم طرد حوالي 350,000 من منازلهم. 


أنكرت حركة KPTJ اي علاقة لها بالعنف و لكن العنف ساعد قضيتهم فقد تم الغاء نتائج الانتخابات و توصل المفاوضين الدوليين الى اتفاق سلام حيث يشارك كيباجي السلطة مع اودينغا ففي عام 2008، تولى أودينحا رئاسة الوزراء بمقتضى اتفاق لتقاسم السلطة تم التوصل إليه بوساطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بينما ظل كيباكي رئيسا للبلاد. ولم تنتهي المواجهات إلا بتدخل من الأمين العام للأمم المتحدة، بدعم من القوى الكبرى، وذلك لتوقيع اتفاق على تقاسم السلطة، ترك كيباكي في منصب الرئاسة ومنح أودنغا منصب رئيس الوزراء.
و مرة اخرى تم تغيير نتائج الانتخابات و التحكم في مصير دولة من خلال هذه الثورات الملونة و لكن هذه المرة كان الثمن باهظا حيث دفعت كينيا العديد من الارواح و تكبدت كثير من الخسائر.

في سبتمبر 2010 دفع جورج سوروس مليون دولار لمجموعة ناشطة يسارية تسمى ميديا ماترز امريكا لتكميم محطة فوكس الاخبارية و خاصة لتكميم المعارض الامريكي المعروف جلين بيك الذي يكشف ما وراء منظمات المجتمع المدني و دور جورج سوروس و ثوراته الملونة في التحكم بمقدرات الدول ... و يقول سوروس أنه استخدم هذه النقود لأن خطاب جلين بيك يحرض على العنف !!! بالنظر لما فعله جورج سوروس بكينيا و غيرها من الدول فإن جورج سوروس بلا مبادئ.

الإخوان المسلمين.. عملاء الغرب الجدد

مقال منقول و مترجم للكاتب والمحلل الجيوسياسي : توني كارتلوشي

التنظيم المصري للإخوان المسلمين ينضم للفريق الأمريكي-الأوروبي-الإسرائيلي في الدعوة لشن الحرب ضد سوريا.

في 28 مايو 2012.. يتوقع المرء نقد واضح وصريح "ولو بشكل مزعوم" يمثل ويُظهر معارضة صريحة للسياسات الأمريكية الإسرائيلية الخارجية المشتركة، خاصة عندما تتعلق هذه السياسات الخارجية بمصير أرواح الآلاف من العرب، في الطريق لفرض سيطرة غربية على منطقة الشرق الأوسط بالكامل.

ولكن تنظيم الإخوان المسلمين المصري فعل العكس تماما، بعد حملة كبيرة "كاذبة" خلال سباق إنتخابات الرئاسة كان عنوانها الرئيسي معاداة السياسات الأمريكية والإسرائيلية، فإن الإخوان المسلمين يشاركون أمريكا وأوروبا واسرائيل في المطالبة بتدخل دولي في سوريا.

إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي طالب مؤخرا بتدخل عسكري في سوريا مشيرا إلى مذبحة الحولة "الملفقة".. قابله مباشرة تصريح من المتحدث بإسم الإخوان المسلمين في التنظيم المصري محمود غزلان.. والذي صدر منه تصريح مطابق. 

الجناح السوري لتنظيم الإخوان المسلمين مشارك بفاعلية في أحداث سوريا.. بل في الحقيقة يقود أحداث العنف الطائفي الذي مازال يُخرب سوريا لما يزيد عن عام كامل برعاية أمريكية اسرائيلية سعودية قطرية.



في صمت، تقوم جماعة الإخوان المسلمين بتمويل الجيش السوري الحر المنشق المتمركز في تركيا، كما تقوم بتحويل مكثف للأموال داخل سوريا لإعادة إنشاء قاعدتها الشعبية بين المزارعين البسطاء والطبقة المتوسطة السورية..نقلا عن مصادر من  المعارضة السورية.

في حين لم توضح رويترز في مقالها عن كيفية أو من وراء إعادة بعث تنظيم الإخوان المسلمين السوري، فإن مقالة النيويوركر في عام 2007 توضح ذلك.. تحت عنوان "إعادة التوجيه" للكاتب سيمور هيرش، حيث يوضح أن عملية التمويل والدعم تمت عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل الذين دعموا الاخوان عبر السعودية حتى لا يفسدوا مصداقية "الحركة الإسلامية".. كشف سيمور هيرش أيضا عن أن أعضاء من فصيل سعد الحريري ومن بعده بقيادة فؤاد السنيورة كانوا هم حلقة الوصل بين الولايات المتحدة وتنظيم الإخوان السوري. كما وثق سيمور هيرش، أن أعضاء فصيل سعد الحريري قد التقوا ديك تشيني في واشنطن مؤكدين على ضرورة استخدام الإخوان المسلمين في أي تحرك ضد النظام الحاكم في سوريا.

و جاء في مقال هارش: "وقد أبلغني وليد جنبلاط أنه التقى بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في الخريف الماضي لمناقشة مسائل متعددة، من بينها إمكانية زعزعة نظام الأسد. ولقد قدم جنبلاط ورفاقه نصيحة لتشيني بأنه إذا كانت الولايات المتحدة تحاول أو تنوي التحرك حيال سوريا، فإن أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين هي الجهة التي عليهم التواصل معها"

يستمر المقال في توضيح كيف أن الولايات المتحدة والسعودية قد بدأت بالفعل في 2007 في دعم الإخوان والإستفادة منهم:
"يوجد دليل على أن استراتيجية إعادة التوجية الأمريكية قد أفادت بالفعل الإخوان المسلمين... جبهة الإنقاذ السورية هي إئتلاف من مجموعات المعارضة والتي يشكل رؤسائها فصيل يديره عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق والمنشق في عام 2005 وكذلك يتضمن هذا الإئتلاف قيادات تنظيم الإخوان المسلمين السوري.. وفق معلومات من ضابط عالي الرتبة من المخابرات الأمريكية قال لي: الأمريكيون قدموا دعما سياسيا وماليا.. السعودية كانت الأعلى من ناحية الدعم المادي، ولكن الأمريكيون شاركوا كذلك 
وقال أيضا أن خدام الذي يعيش حاليا في باريس كان يحصل على دعم مالي من السعودية تحت سمع وبصر البيت الأبيض. ووفقا لتقارير صحفية، فإن وفدا من جبهة الإنقاذ السورية التقت بممثلين عن مجلس الأمن القومي الأمريكي. وقد أبلغني موظف سابق بالبيت الأبيض أن السعودية هي التي وفرت لأعضاء الجبهة وثائق السفر اللازمة.."
مقال "إعادة التوجيه" سيمور هيرش 2007 

ولقد تم التحذير من أن الدعم والتمويل لن يقف عند الإخوان المسلمين في سوريا فقط وسيمتد لخارجها، وقد يؤثر في الرأي العام وصولا إلى مصر التي حاربت طويلا ضد قيادات تنظيم الإخوان للإبقاء على مدنية الدولة. بوضوح، الإخوان في سوريا لم يعودوا من العدم أو بطريقة عفوية، بل تم إعادة إحيائهم بأموال ودعم وسلاح وتوجيهات أمريكية اسرائيلية سعودية.


شرارة انطلاق حروب الإقليم المجهزة سابقا


بالنسبة للعامة، العنف في لبنان يبدو كما لو كان استكمالا لحلقات العنف في سوريا ويصبح شخص كسعد الحريري الرائد في تمويل الإنقسامات بين السنة والشيعة منغمسا فجأة في أحداث العنف الحالية. بالنسبة للعامة، بفضل الإعلام الموجه الكاذب، تبدو مطالبات الإخوان المسلمين "المدعومين من أمريكا وأوروبا واسرائيل ودول الخليج" بالتدخل الخارجي في سوريا هي عبارة عن رد فعلي طبيعي على مجزرة الحولة.


إن الأشخاص الذين تعلموا وعرفوا حقيقة الأحداث الحالية ودورها في إعادة تشكيل الواقع الجيوسياسي للعالم العربي، يعلمون جيدا أن الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط ليست أكثر من إستخدام للعامة لتنفيذ مخطط تمت هندسته منذ سنوات بدقة فائقة، وقام كل ممثل في هذا المخطط بتجربة أدواره منفردا أو مع زملاءه لمرات عدة قبل ظهورهم على المسرح لتقديم الحدث الحقيقي.

في الواقع، الإخوان المسلمين وسعد الحريري عملوا معا بمشاركة أمريكا واسرائيل والسعودية لسنوات. ويعود الفضل في إعادة بعث الإخوان المسلمين سياسا إلى الربيع العربي المصنع في أمريكا ولفيضان التمويل المادي والدعم الأمريكي السياسي في الغرف المغلقة.
بالطبع وزارة الخارجية الامريكية متدخلة في الأوضاع و منذ عام 2008 على أقل تقدير، بدأ التجهيز مع سفر قيادات مصرية من نشطاء ومعارضة لنيويورك للتدريب والتجهيز والتمويل على حساب اصحاب المال من النخبة الأمريكيين، ومن ثم عاد النشطاء مرة أخرى لمصر للبدء في عملية خلخلة النظام المصري منذ عام 2010 ليصل أوج نشاطهم في عام 2011.. عام ما يسمى بالربيع العربي.

وبينما ينشغل الإخوان المسلمين بالتظاهر والإدعاء بكراهية ومعاداة أمريكا واسرائيل، يرد الأخيرين بالتظاهر بالخوف وعدم الراحة والقلق من البزوغ السياسي للإخوان المسلمين الناتج عن الزعزعة السياسية في الإقليم.. الزعزعة السياسية التي صنعها الغرب أساساً من أجل وضع الإخوان المسلمين في السلطة. هذه المناورة الشطرنجية يمكن كشفها ومراقبتها مع ظهور وإختفاء عميل غربي مجهز آخر.. محمد البرادعي.


في الواقع.. كلما زاد الخطاب المعادي لأمريكا وإسرائيل عن الحد بشكل مبالغ فيه وغير منطقي في الخطب البلاغية.. كلما كان الشك أكبر في كون المتحدث يتواصل مباشرة مع الغرب ويستخدم خطابته الهجومية في خلق دخان كثيف ليخفي الحقيقة.

محمد البرادعي على سبيل المثال حاول ركوب موجة معاداة الغرب عن طريق الإشارة أكثر من مرة لمواقفه في وجه أمريكا تجاة قضية العراق وإيران. وترد اسرائيل وأمريكا في المقابل بإتهامه بأنه عميل لإيران، كما أن البرادعي ذكر أكثر من مرة بشكل طبيعي إمكانية قيام حرب مصرية تجاة اسرائيل، حتى يتم انتخابه رئيسا لمصر!!

من المعروف كم هي منافية للعقل والواقع حدوتة البرادعي.


الصورة.. من اليسار لليمين، أعضاء منظمة إدارة الأزمات، شلومو بن عامي، ستانلي فيشر، شيمون بيريز ومحمد البرادعي. بغض النظر عن ادعاء محمد البرادعي بمعاداة اسرائيل أو معادة الغرب، فإن هناك حقيقة موثقة تثبت عمالته لعصابة النخبة الفاشية التي تحكم العالم من وول ستريت ولندن.. وهو عضو في منظمة إدارة الأزمات الدولية التي تتضمن شخصيات اسرائيلية متعددة.. سابقة وحالية.

و علينا ألا نتجاهل أيضاً تعاون الإخوان مع البرادعي من خلال الجمعية الوطنية للتغيير في عام 2009 لتغيير النظام المصري.


في الوقع، البرادعي يعتبر من الشخصيات الموثوقة في مراكز التخطيط الدولية الممولة من عمالقة المال الأمريكيين، كمنظمة إدارة الأزمات الدولية، مصاحبا للمدان جنائيا الملياردير المضارب في البورصة جورج سوروس.. والمستشار السياسي زبيجنيو برزينيزكي.. والمشتبه فيه بإرتكاب جرائم مالية لورانس سامرز.. والمنتمي للمحافظين الجدد ريتشارد أرميتاج... وبالإضافة إلى ذلك، يجلس في الجهة المقابلة لنفس الطاولة مع البرادعي الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز وستانلي فيشر محافظ البنك الإسرائيلي الأسبق ووزير خارجية اسرائيل الأسبق شلومو بن عامي.


بالإضافة حتى لتلك الأدلة، وقبل حتى بداية اكتشاف الربيع العربي، فإن أحد مراكز التخطيط الدولية والممولة أيضا من قبل الكيانات التجارية الضخمة في الولايات المتحدة، وهذا المركز هو مجلس العلاقات الخارجية، قد أشار إلى ضرورة التلاعب والتأثير في فهم وإدراك الشعوب للوصول بالنظام المطلوب إلى السلطة!! 

في مارس 2010 خرج مقال لستيفن كوك بعنوان "هل البرادعي هو بطل مصر القادم؟" تم نشره في مجلة مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، ذكر فيه:


"بالإضافة إلى ذلك، فإن علاقة مصر القريبة بالولايات المتحدة تسبب لها مشاكل كبيرة وعوامل سلبية في سياستها، فالمعارضة تستغل ذلك التقارب لتسحب الشرعية من النظام. في حين تحاول الحكومة في شكلها الخارجي أن تتخذ سياسات معادية لأمريكا لتنفي عن نفسها إتهامات المعارضة. وإذا كان للبرادعي فرص جيدة مستقبلا في أداء دور سياسي في عملية تغيير للنظام في مصر، فينبغي لصانعي القرار الأمريكي مساعدته بعدم الرد بقوة على الحكومة المصرية".


بوضوح، صحافة الدولتين، أمريكا واسرائيل لم يتوقفوا فقط عن الرد بقوة على الحكومة المصرية، بل تظاهروا باستياء كبير "زائد عن الحد" نتيجة صعود البرادعي على الساحة السياسية المصرية، وفي نفس الوقت كانوا يظهرون الدعم لخصومه حتى يلوثوا سمعتهم في عيون العامة العاطفيين والذين يحكمون بمشاعرهم، وبوضوح، لقد نجحوا بسهولة في التلاعب بالكتل الجماهيرية.

بهذه التوضيحات من الصعب إتخاذ تصريحات البرادعي المزعومة "بعداءه للغرب" على أي محمل سوى أنها خداع مطلق، لتغطية حقيقة أنه عميل وممثل مباشر لهذه النخبة الحاكمة للعالم.

وعلى نفس المنهج يسير تنظيم الإخوان المسلمين بالقيام بلعبة مزدوجة، وذلك بزراعة كراهية مصطنعة ومعاداة الغرب واسرائيل بمنتهى الحذر .. وفي نفس الوقت يقومون بقيادة المتطرفين الطائفيين لتنفيذ مخططات الغرب بدلا من صدها و الوقوف ضدها.

لم تعد اللعبة الإعلامية بين الإخوان المسلمين ونظرائهم في واشنطن ولندن والدوحة وتل أبيب فقط هي التي تثبت كذب إدعاءاتهم، بل أيضا يبدو ذلك بشكل مبين وصريح في أجندة الإخوان المسلمين المتقاربة مع أمريكا واسرائيل في مواجهة سوريا، كما تنبأ بذلك مقال سيمور هيرش 2007.

من الصعب تخيل أن أي عربي بغض النظر عن رأيه تجاه إيران وسوريا و حزب الله في لبنان، يصدق أنه من مصلحة العالم العربي إزالة قوة عسكرية كبرى كسوريا من أمام الغرب واسرائيل، خاصة بعد أن اتضح جلياً أن الربيع العربي المصنع في السياسات الخارجية الامريكية لم يأتي بقادة معادين للهيمنة الغربية بل هم في الحقيقة يعملون معهم على بسط هذه الهيمنة والسيطرة على العالم العربي.

الربيع العربي جاء بأنظمة عميلة للغرب
بالإضافة لصعود الإخوان المسلمين في مصر وسوريا، قام الإخوان في تونس بتنصيب العميل الغربي منصف المرزوقي رئيسا، لخدمة أهداف الولايات المتحدة، المرزوقي رسميا عضو الجمعية التونسية لحقوق الإنسان الممولة من الوقف الأمريكي للديموقراطية "NED" ومنظمة المجتمع المفتوح لجورج سوروس، والجمعية عضو أيضا في الإتحاد الدولي لحقوق الإنسان "FIDH". المرزوقي الذي كان منفيا لعقدين من الزمن في باريس كان المؤسس والرئيس لللجنة العربية لحقوق الإنسان المتعاونة مع الحركة العالمية للديموقراطية "WMD" التابعة للوقف الأمريكي للديموقراطية "NED" والتي حضرت معهم مؤتمرات تتعلق بحقوق الإنسان بالنسبة للنشطاء المنفيين، كما شارك في الجمعية الثالثة للحركة العالمية من أجل الديموقراطية ممثلا كذلك لرابطة حقوق الإنسان التونسية، وكانت الإجتماعات تحت رعاية الوقف الديموقراطي الأمريكي ومنظمة المجتمع المفتوح لجورج سوروس والوكاله الامريكيه للتنميه الدولية "USAID"


بالنسبة للجارة ليبيا، فإن نظير المرزوقي هو رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب الذي تم تنصيبه بواسطة الناتو، والكيب هو بروفيسور في معهد البترول بدبي في الإمارات.. ورئيس مجلس ادارته كذلك، والمعهد تحت رعاية شركة البترول البريطانية "BP" وشركة "Shell" وشركة توتال الفرنسية وشركة يابانية لتطوير البترول وشركة أبو ظبي الوطنية للبترول.

كلاهما، المرزوقي في تونس، والكيب في ليبيا، صرحوا بدعم جهود الغرب في تغيير النظام في سوريا، بالإضافة، أن ليبيا تقدم دعم مالي وسلاح ومقاتلين كانوا على قائمة المنظمات الإرهابية المسجلة في الإدارة الأمريكية تحت مسمى "مقاومة الإرهاب" وتم حذفهم من القائمة بل و دعمهم للإطاحة بالقذافي و الآن سوريا !! مثل الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة.


تغيير النظام السوري مطروح على الطاولة منذ حرب الخليج في التسعينيات، بدأ التصريح مباشرة منذ عام 2002، مصاحبا للتخطيط لمؤامرة تستخدم الكفاح الطائفي المسلح لإسقاط سوريا وحزب الله في لبنان وبالتالي تفخيخ وخلخلة إيران منذ عام 2007، كله يتوقف على تصعيد أنظمة عميلة للغرب على مستوى العالم العربي. قام الربيع العربي المفتعل بتصعيد هذه الأنظمة بالفعل، وهي تساهم بشكل واضح تماما في عزل وتفخيخ واسقاط لبنان وسوريا وإيران.

بالنسبة للعالم العربي، يجب أن تعلموا أن عدو عدوي ليس بالضرورة صديقي، خاصة إذا كان هذا العدو هو نتيجة استراتيجية مصطنعة تعتمد على اجبار الخصم بالتصرف تحت ضغط وبانفعالية وتوتر، وضعها من يقفون مصطفين كحلفاء هادئين. المسلمين السنة لهم عدو مشترك ليس فقط مشتركا مع الشيعة ولكن مع كل شعوب الأرض والأديان والأعراق من أفريقيا إلى أسيا. هذا العدو هو الإمبريالية الأنجلو أمريكيةالصهيونية، والتي دامت هيمنتها لقرون.. لا لشئ، إلا قدرتها الخارقة على التقسيم والتفريق، والتدمير، والإستيلاء على الأمة التي تشاكس أمة أخرى والجنوب الذي يقف ضد الشمال والديانات التي تتصارع والقبائل التي تتناحر، هذا هو سبب استعبادهم لمساحات هائلة من أفريقيا ووسط وجنوب شرق آسيا، وهذا بالضبط ما يفعلونه الآن .. مع العالم العربي.

مشاكل السياسات العامة

 

صياغة السياسات العامة: أطار منهجي

مقدمة:

لقد أدركت الحكومات على تباين أنظمتها السياسية واتجاهاتها الفكرية أنها بحاجة إلى دعم ومساندة شعوبها لما تتخذه من قرارات، وما تقوم به من أعمال متنوعة في جميع الظروف والأوقات. وحتى يتحقق لها ذلك، فأنها أخذت تسعى جاهدة إلى حل مشاكلهم والاستجابة لمطاليبهم المتنوعة من خلال مجموعة من الخطط والبرامج (يطلق عليها السياسات العامة) الهادفة إلى تحقيق جملة من المنافع وتخفيف المعاناة عن الغالبية منهم.
أن ما يميز السياسات العامة هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من المجتمع ان لم يكن المجتمع كله، مما يحتم الاهتمام بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي الى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها الى أقل نسبة ممكنة. فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق بالاعتماد على معلومات ومعطيات صادقة وصحيحة، تجنب المجتمع الكثير من التضحيات والالام والاحباط الذي يصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة أو المرسومة بشكل غير صحيح. ولكي يتم الوصول الى هذا الهدف لابد من الاجابة عن التساؤت التالية:-
1_ كيف تتم صياغة السياسات العامة ؟
2_ من يتولى مهمة صياغة السياسات العامة ؟
3_ ماهي المشاكل التي ترافق صياغة السياسات العامة ؟
4_ ماهي مستويات السياسات العامة ؟
وعليه فان هدف هذا البحث هو الاجابة عن التساؤت أعلاه من خلال عدة فقرات تضمنت الاولى مناقشة مستفيضة لمشاكل السياسات العامة، بينما شملت الثانية تحديد وبحث الجهات التي تتشارك في صنع السياسات العامة، أما الفقرة الثالثة فقد كرست للحديث عن عمليات رسم السياسات العامة في حين اختصت الفقرة الرابعة بالبحث والدراسة في مستويات السياسات العامة. وصولاً لتحقيق أهداف البحث المذكورة.

أولاً: مشاكل السياسات العامة

يمكن تعريف المشكلة لاغراض صنع السياسات العامة بانها: " موقف او حالة تحرك الحاجات والشعور بعدم الرضا لدى افراد المجتمع. مما يدفعهم لطلب العون او بتدخل الحكومة للمساعدة في ازالة ما يعانون منه" (Smith: 1964: 604 ) فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار تفشي الجريمة او البطالة او ارتفاع الاسعار (التضخم) او تفشي الاوبئة والامراض وانتشار الآفات الزراعية  وتلوث البيئة ونقص الغذاء وصعوبة المواصلات وازدحام الطرق  وتدني مستوى الخدمات العامة وتفشي الرشوة والمحسوبية وغيرها، مشاكل تدعو صانعي السياسة العامة لدراستها وتحليلها من اجل وضع المعالجات الضرورية لان مشاكل كهذه تثير اهتمام وقلق شريحة – او أكثر – من شرائحه أو فئاته الاجتماعية أو السياسية وقد يمتد تأثيرها ليشمل المجتمع بكامل فئاته. كما عرفت المشكلة بانها: "حاجات غير مشبعة وقيم غير مدركة أو مفهومة يمكن اشباعها أو تحقيقها بالنشاط أو الفعل الحكومي"" (Dunny:1979: ) وان المعلومات الضرورية لمعرفة طبيعة المشكلة والحلول اللازمة لها يمكن الحصول عليها باستخدام اساليب التحليل المتنوعة. ومما تجدر ملاحظته ان المعنيين بحل المشاكل العامة غالباً ما يفشلون في اختيار الحلول المناسبة لمواجهة مشاكل السياسات العامة بسبب فشلهم في اكتشاف او معرفة الاسباب الحقيقية للمشكلة العامة. اذ ان الصياغة الدقيقة للمشكلة ينتج عنها – في الغالب – حلولُ صحيحة وقد قيل قديماً: إذا عُرِفَ الداء سهل وصف الدواء فبعض المختصين بصياغة مشاكل السياسات العامة وتحليلها، ينظر الى نتائج المشكلة على انها المشكلة ذاتها لان النتيجة التي تؤدي اليها المشكلة هي الجانب المنظور منها، مثال ذلك، " كثرة الغيابات أو دوران العمل "، الذي تعاني منه بعض المؤسسات الحكومية والخاصة، اذ يتوهم بعض المعنيين بانها هي المشكلة من غير ان يبحث في الاسباب التي ادت اليها ونتج عنها تغيب العاملين او تركهم لوظائفهم في هذه المؤسسة العامة او تلك.
ان مشاكل السياسات العامة كثيرة ومتنوعة، ويصعب اتفاق المعنيين على تحديد مكوناتها واسبابها، واساليب التعامل معها، مثل: التضخم، الانكماش، البطالة، الجريمة، الفقر، التلوث، وغيرها. اذ ان هذه المشاكل وامثالها غالباً ما تتباين وجهات النظر حولها بين المهتمين  والمعنيين والمختصين انفسهم من جهة، وبينهم وبين المواطنين من جهة اخرى. ففي حين ينظر اليها بعض المعنيين على انها مشاكل حقيقية يعاني منها المجتمع، ولا بد من وضع الحلول الناجعة لها، بينما يرى البعض الاخر منهم على انها مجرد حالات تتشابك مع تحقيق بعض القيم والحاجات الشخصية لعدد من الافراد، وانها لا تستحق ان تأخذ صفة المشاكل العامة. ويمكن عدّ التلوث من الامثلة على ذلك، فقد يُعُدّه بعضهم حالة طبيعية في المجتمعات المعاصرة نتيجة للتقدم التقني والحضاري الذي تشهده هذه المجتمعات، وبالتالي لا داعي للاهتمام له، وتخصيص المبالغ، وحشد الموارد للحد منه او معالجته. في حين يراه غيرهم مشكلةً تمس افراد المجتمع جميعهم وانه من اللازم عدّه من المشاكل العامة المهمة، التي تحتاج الى وضع الحلول اللازمة لها، وهذا يعتمد على مجموعة من العوامل منها:
1ـ طبيعية مشكلة التلوث: من حيث كونها مشكلة اقتصادية ام ادارية ام اجتماعية ام صحية.
 2ـ اسبابها المتمثلة بعوادم السيارات، او الغازات المتصاعدة من مداخن المصانع المتنوعة، او رمي النفايات والمياه الثقيلة في الانهار والجداول وغيرها.
3ـ مدى خطورة المشكلة واتساع نطاقها:
ومن المفيد ان ننوه الى ان المشاكل على كثرتها وتنوعها لا  تثير جميعها اهتمام صانعي السياسات العامة، الا عندما تكون واضحة. إذ ان هذا النوع من المشاكل يسبب قلق افراد المجتمع ويدفعهم الى القيام بأفعال قد تكون خارجة على الاعراف او القوانين المتبعة.
وهذا يعني ان بعض المشاكل تأخذ طريقها الى راسمي السياسات العامة، ويهمل بعضها الاخر او يؤجل الى وقت لاحق، وذلك بحسب اهميتها، وتاثيرها على جماعة او اكثر من الجماعات المؤثرة في  المجتمع فقد تعيش فئة من المواطنين في بيئة غير ملائمة ولكنهم لا يبدون تذمراً، ولا يطالبون بتحسين بيئتهم او تغيرها، فكأنهم قانعون بوضعهم هذا او ان قناعتهم هذه قائمة على عدم امتلاكهم وسائل التأثير في المجتمع. فحالة كهذه لا تعد مشكلة بحسب تعريفنا السابق، اذ لم يقم احد بطرحها او ايصالها الى الجهات الحكومية بصيغة مطلب جماعي او مشكلة تحتاج الى حل. فالمشاكل اذن لا بد ان تكون واضحة ليسهل ايصالها الى الجهات المعنية في الجهاز الحكومي.
وثمة سؤال آخر يجب الوقوف عنده ومحاولة الاجابة عنه وهو: هل ان المشكلة التي تنال الاهتمام هي التي يعرضها المعنيون بها من متضررين وغيرهم ؟ وهل هناك اسلوب آخر لا ظهارها  ؟ الجواب: نعم، فهناك مطالب او قضايا يعرضها افراد او جهات من غير المتضررين منها، فتصبح مشاكل ملحة تستحوذ على جزء كبير من اهتمام صانعي السياسات العامة، مثال ذلك، قيام محرري الصحف، او جماعات المصالح او السياسيين باثارة الضجيج، والقيام بمجموعة واسعة من الاتصالات حول ارتفاع منسوب المياه الجوفية في منطقة ما، أو ارتفاع معدلات حوادث المرور، على سبيل المثال، مما يجعل منها مشكلة ملحة تحتاج الى حل او مطلباً لا بد من العناية به، اكثر بكثير مما يفعله الذين يقطنون تلك المنطقة، او المتضررين من حوادث المرور. وحتى نفهم ونميز مشاكل السياسات العامةعن سواها من المشاكل او القضايا فانها تتميز بخصائص او بامور منها:
1_ التبادلية: فمشاكل السياسات العامة تؤثر وتتأثر بعضها بالاخر، فهي متشابكة وذات اجزاء مترابطة من نظام متكامل وليست منفصلة عن بعضها تماماً.
2_ الذاتية: بمعنى ان تصنيف الظروف الخارجية او الداخلية التي تنشأ عنها مشاكل السياسات العامة -وتفسير تلك الظروف وتقييمها – يتم وفق الخبرات الذاتية او الشخصية للقائمين بصياغة السياسات العامة، أي ان لشخصية راسم السياسات العامة ومحللها واتجاهاته تأثيراً واضحاً في تفسير مشاكل السياسة العامة وتحليلها وتحديد اسلوب معالجتها.
3_ الوضعية: أي ان مشاكل السياسات العامة في الغالب تكون من صنع الافراد او الجماعات، فهي توجد أينما وجدت التجمعات البشرية.
4ـ الديناميكية: ويقصد بها ان لمشاكل السياسات العامة حلولاً بقدر التعاريف المحتملة لها, بمعنى انه لا يمكن الجزم بوجود حدود بينة او علاج محدد لاية مشكلة من مشاكل السياسات العامة.

أنواع مشاكل السياسات العامة:

 يمكن ان نميز بين المشاكل او المطالب وفق مداخل عديدة، لعل أهمها: مدخل الشمولية، ومدخل الموارد، ومدخل البيئة (النطاق). فمن حيث الشمولية ، يمكن تصنيفها الى مجموعتين هما: المشاكل الخاصة، والمشاكل العامة. فالمشاكل الخاصة:- هي تلك المعانات او المطالب التي تخص شخصاً واحداً من افراد المجتمع، فعدم حصول أحد أفراد المجتمع على دواء معين، هي قضية متعلقة به فقط، ولا تهم غيره، فهي اذن مشكلة خاصة, كما ان تسريح عامل وطرده من العمل هي قضية لاتخص احدا" غير ذلك العامل , اما المشكلة العامة فهي تلك التي تتأثر بها مجموعة من الافراد وليس فرداً واحداً، وكلما زاد عددهم، احتلت مشكلتهم اهمية ً لدى صانعي السياسات العامة ومنفذيها. ففي مثالنا اعلاه، لو أن مجموعة كبيرة من المرضى لم يوفقوا للحصول على الدواء، فان ذلك يمكن ان يتحول الى مشكلة عامة، كذلك الحال لو ان عدداَ من المنظمات العامة او الخاصة او كليهما، قامت بتسريح نسبة كبيرة من العاملين فيها لظروف معينة، فان ذلك قد يخرجها من دائرة الخصوصية الى دائرة الشمولية فتصبح قضيةً عامة.
ومن المفيد الاشارة الى ان بعض القضايا الخاصة يمكن ان تتحول الى قضاياعامة، عندما تتوسع دائرة المتأثرين بها. او المتعاطفين معها. فلو ان احد الآباء دفعه التذمر من قيام أحد المعلمين بضرب ابنه في قاعة الدراسة، الى الاحتجاج  لدى الجهات المعنية(كمديرية التربية) – مثلاً – او ممثل منطقته في المجلس الوطني، فان ذلك لن يخرج تلك المشكلة من خصوصيتها لعدم اثارتها الاهتمام من لدن راسمي السياسات العامة. ولكن لو ان هذا الاب تصرف بشكل آخر، واتصل باولياء أمور التلاميذ الاخرين، واقنعهم بان ابناءهم سيكونون عرضة للضرب ايضاً. ان لم يقوموا بعمل ما، وافلح في اقناعهم بذلك وحصل على تأييدهم  له، وتعاطفهم معه، واستطاع ان يرفع مذكرة باسمهم جميعاً الى الصحافة، والجهات الحكومية المعنية، فتصل الى راسمي السياسات العامة وكأنها مشكلة جماعية، وذلك لاتساع دائرة المتاثرين بها، عندئذ تتحول الى قضية او مشكلة عامة.
 اما من حيث المجال، فيمكن تقسيمها الى نوعين هما: (اندرسون: 1999: 79)
1- المشاكل الاجرائية: وهي تلك القضايا المتعلقة بكيفية قيام الحكومة واجهزتها المتنوعة بتنظيم شئونها، وادارة اعمالها وانشطتها المتنوعة.
2- المشاكل الاساسية: وهي القضايا التي تتعلق باهتمامات افراد المجتمع، كحرية الرأي والتلوث البيئي والاجور والامن الداخلي وغير ذلك.
ويمكن تصنيف المشاكل او القضايا من حيث الموارد وتوزيعها الى ثلاث مجموعات هي:   (Lowi:1964: 682 )
1- المشاكل التوزيعية: وهي التي تتعلق بكيفية توزيع الموارد بين الافراد او الجماعات او الاقاليم مثل مطالب مدينة ما بالسيطرة على الفيضان، واخرى بمعالجة قلة المياه، او مطالب المستوردين بتخفيض الضرائب الكمركية، والمنتجين المحليين بزيادتها، وغير ذلك.
2- المشاكل التنظيمية: وهي التي تتعلق بتنفيذ التصرفات او النشاطات العامة، او وقفها، او الحد من تدخل الاخرين في بعض المجالات. كمطلب الصناعيين  واصحاب الشركات بالحد من تدخل نقابات العمال، او مطالب اصحاب السيارات القديمة بوقف اجراءات ترحيلها من العاصمة او من بعض المدن الكبيرة الى مدن صغيرة او غير ذلك.
3- مشاكل اعادة التوزيع: وهي تلك التي تختص بنقل الموارد المتاحة من منطقة لاخرى، او اعادة توزيع بعض المصادر او الموارد المتوافرة في منطقة ما الى المناطق التي تفتقر اليها لتحقيق العدالة الاجتماعية. مثال ذلك. إعادة توزيع القوى العاملة الماهرة المتوافرة في العاصمة على المحافظات الاخرى، او إعادة توزيع اساتذة الجامعات والمختصين من اطباء ومهندسين بين الجامعات والاقاليم، والمنظمات التي تعاني من النقص في افراد هذه الفئات. او اقامة مصانع في بعصض المدن التي تشكو من البطالة او قلة فرص العمل فيها او فرض ضرائب تصاعدية لتقليل الفوارق بين الدخول، وغير ذلك.
 أما من حيث النطاق، فيمكن تقسيمها الى مجموعتين هما:
1_ المشاكل الداخلية: وهي القضايا التي تتعلق بمواطني الدولة ذاتها، كذلك المتصلة بالصحة  والتعليم والامن الداخلي والضرائب والنقل والمواصلات والبيئة والزراعة وغيرها.
2_ المشاكل الخارجية: وهي تلك التي ترتبط بعلاقة الدولة مع الدول الاخرى كدول الجوار او غيرها مثل مشاكل الانهار والمياه الدولية والملاحة البحرية والحدود الاقليمية بين الدول والصيد في البحار والانهار الدولية والتهريب وغيرها كثير.

أسبقيات أو أولويات السياسات العامة:

لا يمكن لاية دولة او حكومة مهما كانت امكاناتها المادية والبشرية، ومواردها الاقتصادية من تلبية المطالب التي يتقدم بها مواطنوها، او معالجة جميع مشاكلهم مرةً واحدة، انما يتطلب ذلك العمل بنظام الصفوف او الطوابير، أي تقديم الاهم على المهم من المشاكل والقضايا، وفقاً لجدول الاسبقيات السياسية، الذي يعد بهدف تلبية هذه المطالب، وحل المشكلات الواحدة بعد الاخرى بحسب اهميتها او درجة الحاحها، او قوة الفئة او المجموعة التي تتأثر بها او بنتائجها. وعلى العموم، فان هناك مئات المشاكل او المطالب التي تركن على الرف (تهمل)، ولا تدخل جداول الاسبقيات، مقارنة بالقليل منها التي يجري العمل على تبنيها والمفاضلة بينها، وتحديد اولوية او اسبقية كل منها على غيرها في جداول الاولويات السياسية. وهذا ما اشرنا اليه في بداية هذا البحث. وعليه فجدول الاسبقيات: هو جدول اعمال يضم القضايا والمشاكل او المطالب العامة التي هي بحاجة الى تصرف او فعل حكومي بشأنها. وهو ليس جدولاً مثالياً او نموذجياً يوضع بصيغٍ او قوالب جامدة، انما يختلف من موقف لآخر، ومن جهة لآخرى، فجدول اعمال السلطة التشريعية (البرلمانات)، قد لا يماثل جداول اعمال السلطتين التنفيذية والقضائية التي قد لا تتشابه مع  جداول اعمال الحكومات المحلية للمحافظات او الاقاليم. فكل منها يمتاز عن الاخر، بمحتوياته واسبقياته وكيفية اجراء النقاش لتحديد هذه الاولويات، وهو غالباً ما يُعرف من خلال الجلسات العلنية للمجالس النيابية (ممثلي الشعب)، او ما تنقله وسائل الاعلام المتنوعة من خطب وتصريحات لبعض اعضاء السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) والحكومات المحلية، والمعنيين من موظفي الجهاز الاداري الحكومي وغيرهم. وعلى العموم فان اهم العوامل التي تساعد على ايصال القضايا والمطالب الى جداول الاسبقيات هي الآتي:
1_ فقدان بعض الجماعات او النخب مصالحها او جزءً منها لمصلحة جماعات او نخب اخرى، مما يؤدي بها الى التحرك لاعادة التوازن لصالحها، الامر الذي يستدعي قيام الاجهزة الحكومية بنشاط اضافي لمواجهة ذلك (Thomas: 1951: 30) ومن الامثلة على ذلك تحرك المنتجين المحليين لاقناع الحكومة بفرض ضرائب كمركية على البضائع المستوردة للحد من منافستها لمنتجاتهم.
2_ قادة الاحزاب السياسية، وهم غالباً ما يحاولون تبني المطالب العامة، والعمل على ايصالها الى اسماع صانعي القرار او السياسات لاستمالة جمهور المواطنين بهدف الحصول على تأييد الراي العام. (Walker: 1977: 428) وقد يقوم رؤساء الحكومات بمثل هذا النشاط للسبب نفسه.
3_ أهمية المشاكل او المطالب وخطورتها: اذ أن بعض المشاكل تمتاز بالحاحها، وكثرة عدد المتأثرين بها، وخطورة نتائج اهمالها مما يدعو المعنيين الى إعطائها اولوية ضمن الاسبقيات التي لا مفرَّ من اتخاذ الاجراءات السريعة لمعالجتها، كالكوارث الطبيعية من امطار وفيضانات وزلزال، وظهور الاوبئة والامراض المعدية فجأة في منطقة ما، وغيرها (Cobb: 1972: 84).
4_ المطالب او القضايا التي تثيرها المعارضة السياسية او الاضرابات التي تنظمها بعض الفئات المهنية، كاضراب عمال الموانىء والمطافىء او المناجم  وغيرها، مما يوصل قضاياهم ومطالبهم مباشرة الى اسماع صانعي السياسات العامة، ووضعها في جداول الاسبقيات (Lipsky ; Michael: 1968: 54).
5_ وسائل الاعلام المتنوعة المقروءة والمسموعة والمرئية وهي تلعب دوراً مهماً في ايصال بعض القضايا والمطالب الى اسماع راسمي السياسات العامة، وعرضها على جداول الاولويات، مثال ذلك، مشكلة بعض اصحاب السيارات القديمة التي تقرر اخراجها من بغداد اعتباراً من 1/7/2002، اذ تمكنت وسائل الاعلام من طرحها بشكل مباشر، وصل الى اعلى المستويات، مما ادّى الى صدور امر بايقاف تنفيذ ذلك القرار.
ولابد من الاشارة الى ان المشاكل والمطالب العامة لا تصل كلها الى راسمي السياسات العامة، ولا تأخذ طريقها الى جداول اسبقياتهم لا سباب عديدة منها:
1- تعارض بعض المطالب او القضايا مع الاعتبارات او القيم والمبادئ التي يؤمن بها المعنيون من راسمي السياسات العامة ومنفذيها
2-سيطرة جماعة معينة او فئة ما على المؤسسات الحكومية ووسائل الاتصال الجماهيري  والاحزاب السياسة خصوصا" في  الدول النامية ,والدول التي تتكون  مجتمعاتها  من قوميات وديانات متعددة وخير مثال  لذلك , تركيا التي يسيطر فيها الاتراك المسيحيون, والنخب العسكرية على المؤسسات السياسية والحكومية ويمنعون الاكراد, والمسلمون من ممارسة حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية بحرية  كاملة
3-الجهل,وعدم الوعي او النضج السياسي والاجتماعي للغالبية من افراد المجتمع , يجعلهم عاجزين عن فهم مشاكلهم والتعبير عن قضاياهم واستخدام السبل الناجحة لإيصالها الى المعنيين , فسكان القرى والأرياف في معظم الدول النامية لا يستطيعون التعبير عن مشاكلهم وإيصالها  الى المعنيين مثل سكان المدن.
واخيرا" فان من المناسب التنويه الى ان السياسات العامة ليست محصورة دوما" على ما تنفذه الحكومة من أعمال وما تشرعه من لوائح وانظمة وقوانين ,بل تشمل ايضا" ما تهملة او تمتنع عن فعلة او تشريعة.(اندرسون:87:1999)

ثانياً: صانعو السياسات العامة

وهم الافراد او الجماعات والجهات (الرسمية وغير الرسمية) الذين يشاركون في رسم السياسات العامة بصورة مباشرة وعلية فانه يمكن تقسيم الاطراف التي تشارك في صنع السياسات العامة على نوعين رئيسين هما:
ا-الاطراف الرسمية الحكومية.
ب-الاطراف غير الرسمية.

اولاً: الجهات الرسمية الحكومية:

 وهم الافراد الذين يخولون الصلاحيات التي تسمح لهم بالمشاركة في صنع السياسات العامة، مثل اعضاء السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، والاداريين الاخرين من العاملين في الاجهزة الحكومية، الذين يساهمون في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات العامة بطرائق ودرجات متفاوتة. وعليه يمكن تقسيم الاطراف الرسمية الى الاتي:

1- السلطة التشريعية:

تعد السلطة التشريعية من اهم المنظمات الرسمية الحكومية التي تضطلع اساساً بتشريع اللوائح والانظمة والقوانين، ووضع القواعد العامة التي تنظم مختلف اوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها في الدولة. (العزاوي: 2001: 46). ان دول العالم تتباين في كيفية تشكيل السلطة التشريعية، ودورها وتأثيرها في عملية رسم السياسات العامة. فبعضها يأخذ بنظام المجلس (البرلمان) التشريعي الواحد، مثل لبنان وجمهورية مصر العربية وتركيا وروسيا وغيرها، اذ تتكون السلطة التشريعية فيها من مجلس واحد يمثل المواطنين جميعهم والاحزاب السياسية الموجودة في ذلك البلد. والبعض الاخر تأخذ بنظام المجلسين  ككندا، بريطانيا، والولايات المتحدة الامريكية.. وفي بريطانيا، مجلس العموم ومجلس اللوردات، وهكذا في الدول الاخرى. كما ان بعض الدول موحدة، كفرنسا، وسوريا، وجمهورية مصر العربية، وليبيا،  اذ يتألف جهازها التشريعي من مؤسسة واحدة - سواءً كانت تأخذ  بنظام المجلس -الواحد او المجلسين لها سلطات اصدار اللوائح والتشريعات، والقوانين بما لايتعارض مع دستور الدولة. والاعراف الاجتماعية السائدة التي لها صفة الدوام والثبات النسبي. وبعضها الاخر فدرالية، أي مكونة من اتحاد او اندماج مجموعة من الولايات كالولايات المتحدة الامريكية، او مجموعة من الجمهوريات، كالاتحاد السوفيتي (السابق). (الجمل، يحيى: بلا: 43)، اذ يتكون جهازها التشريعي  من مؤسستين أثنتين هما: المؤسسة الاتحادية، والمؤسسات التشريعية الاقليمية . (هلال، علي الدين: 2000: 14) يختص الاول بصنع السياسات على مستوى الدولة الاتحادية كلها، كما لو كانت دولة موحدة، بينما يختص الثاني بالتشريعات على مستوى الاقاليم او الولايات، التي يفترض ان تمثل تمثيلاً عادلاً او متساوياً في المجلس الاول.
وقد اختصّ عدد من الدراسات الحديثة بمعرفة دور الهيئات التشريعية الاوربية، واهميتها في رسم السياسات العامة، فوجد بانها متباينة بحسب تباين انظمتها السياسة، (جابريل والموند: 1998: 170). وقوة وسطوة النخب السياسة والاحزاب، وجماعات المصالح، وقدرة السلطة التنفيذية، ومدى تمثيلها لحزب واحد قوي او عددٍ من الاحزاب المؤتلفة. فمجلس العموم البريطاني، يعد من اضعف المجالس التشريعية قدرة وفعالية في صنع السياسات العامة، بسبب سيطرة حزب الاغلبية الحاكم عليه، وان اغلب اعضائه يشكلون السلطة التنفيذية ويبقى دوره منحصراً في مناقشة تأهيل النخبة وتوظيف افرادها (العزاوي: 2001: 50) على عكس الكونكرس الامريكي الذي يلعب دوراً رئيساً في رسم السياسات العامة للحكومة الفدرالية من خلال لجانه المتعددة (جابريل: 1998: 169).

2- السلطة التنفيذية:

وتضم الافراد العاملين في البيروقراطية الحكومية المتمثلة بالمؤسسات والهيئات واللجان والاجهزة الادارية الحكومية المتنوعة, التي غالباً ما تضطلع بتنفيذ السياسات العامة، غير ان دورها في رسم السياسات العامة لايمكن اخفاءه باي حال من الاحوال، اذ ان الشعوب تعيش عصر هيمنة السلطة التنفيذية بسبب الاعتماد بشكل كبير على القيادة التنفيذية في رسم السياسات العامة وتنفيذها (اندرسون: 1998: 58) ففي بعض الانظمة الحكومية الرئاسية يجمع رئيس الجمهورية بين قيادة العملية التنفيذية، وقيادة العملية التشريعية، كما في الكثير من دول العالم النامية،، كما يتدخل الرئيس الامريكي في الولايات المتحدة الامريكية، للحيلولة دون تعطيل اقرار بعض البرامج والسياسات العامة من جانب اللجان والقوى الحزبية المتنافسة في الكونكرس الامريكي، كما ان هناك كثير  من اللوائح التي تجيز للرئيس الامريكي التدخل في صنع السياسات العامة، كلائحة التجارة الخارجية التي تخوله سلطات واسعة في رفع الرسوم الكمركية المفروضة على السـلع المستوردة او تخفيضها، كذلك لائحــة الاستقرار الاقتصادي لعام (1870 م). التي منحته سلطات واسعة في مراقبة الاسعار منعاً للتضخم زد على ذلك السلطات والصلاحيات التي منحها الدستور الامريكي للرئيس في مجال السياسات الخارجية والعسكرية، بل لا غرابة اذا قلنا ان السياسات الخارجية الامريكية هي من صنع الرئيس الامريكي (Dror: 1968: 17 ). وينطبق هذا الكلام على معظم السياسات الخارجية للدول الاخرى، اذ تترك اليد الطولى لرئيس الحكومة في رسم السياسات الخارجية لبلاده، مثل غانا، تايلندا، سوريا، والجزائر وغيرها. وما قيل عن دور رئيس الجمهورية، يقال ايضاً عن المحافظين، وحكام الولايات والاقاليم المحلية. اذ يمتد دورهم الى رسم او صنع السياسات العامة لولاياتهم او محافظاتهم، مع تنفيذها. (اندرسون: 1998: 59).
كما ان المؤسسات البيروقراطية الاخرى، المتمثلة بالاجهزة الادارية العامة وهيئاتها او لجانها  المتنوعة التي غالباً ما تتدخل في صنع السياسات العامة ومناقشتها، مع دورها الاساس في تنفيذها. بل ان هناك من يعتقد بان هذه الاجهزة قادرة على اعاقة رسم السياسات العامة تماماً كقدرتها على تنفيذها او عدم تنفيذها (اندرسون: 1998: 60). وذك مرده الى كثرة القضايا والمطالب التي تستوجب خبرات فنية متخصصة لرسم السياسات المتعلقة بها، ولنقص الخبرة الفنية لافراد السلطة التشريعية فانهم غالباً ما يفوضون الاجهزة الادارية كثيراً من الصلاحيات اللازمة لرسم السياسات العامة من هذا النوع، واتخاذ قرارات لها مفعول السياسات العامة من حيث التأثير والاهمية والنطاق مثل القضايا المتعلقة بالدفاع، والتلوث، والطــرق الســريعة، والعلاقــات الخارجية، وغيرها. (اندرسون: 1998:60).

3-السلطة القضائية:

المقصود بها المحاكم سواء كانت على مستوى الدول كمحكمة التميز في العراق -، او على مستوى المحافظات او الاقاليم او الولايات. وهي تضطلع بمهمة صياغة وتفسير النصوص القانونية ومدى مطابقة الانظمة واللوائح والقوانين مع دستور الدولة النافذ، واصدار الاحكام في المخالفات التي ترتكب بحق المواطنين من قبل الاجهزة الحكومية، زيادة على دورها الاساس في تحقيق العدالة، وتطبيق القانون  والفصل  في المنازعات والحكم في الجرائم والمخالفات المتنوعة. وللقضاء مع هذا دورً مهم في رسم السياسات العامة في بعض الانظمة الحكومية، مثل المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية، التي تقوم بمراجعة نصوص اللوائح القانونية عند عرضها عليها لابداء المشورة قبل التصويت عليها في الكونكرس الامريكي، وقد تقترح تعديلها او الغاءها عند مخالفتها للدستور الفدرالي، او القوانين النافذة، فالكونكرس يتردد كثيراً عند الخوض في قضايا يتوقع ان يعترض عليها القضاء بحجة عدم شرعيتها او مخالفتها للدستور، ويذكر ان القضاء الامريكي لعب دوراً كبيراً في صنع السياسات الاقتصادية، كقضايا الملكية، والعقود، والعلاقة بين العمال ونقاباتهم من جهة، واصحاب المصانع من جهة اخرى.
(Zeigler: 1971:126  ) وقد حذت بعض الدول كالمانيا الاتحادية، وكندا، وبريطانيا، واستراليا، حذو الولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال. اما في الدول النامية، فان للقضاء دوراً محدوداً أو لا يكاد يظهر في رسم السياسات العامة.(اندرسون: 1999: 63).
        ان رقابة القضاء الفعالة على التصرفات التي تقوم بها الاجهزة الحكومية في رسم السياسات العامة او تنفيذها، يعد صمام الامان والضمانة الحقيقية ازاء التعسف الاداري، وذلك بالغاء القرارات الادارية المجحفة التي اتخذتها الجهات المعنية  بحق المواطنين، او التعويض عن الاضرار التي نجمت عنها، (العويني: 1981: 115).

ثانياً: الجهات غير الرسمية (غير الحكومية):

 ان عملية رسم السياسات العامة لا تنحصر فقط في مشاركة الجهات والقـوى الرسمية، بل هناك جهات اخرى تصنف على انها حكومية (غير رسمية) تشارك هي الاخرى بحظ وافر في التأثير على صانعي السياسات العامة ومنفذيها، ومن هذه الجهات، على سبيل المثال، لا الحصر: الجماعات المصلحية (الضاغطة) الاحزاب السياسية، المواطنون (الراي العام)، وفيما يلي توضيح لكيفية تأثير هذه الجهات في صنع السياسات العامة.

1_ الجماعات الضاغطة (المصلحية):

 تعرف الجماعات الضاغطة بانها مجموعة من الافراد يلتقون في اهداف وصفات او خصائص معينة يسعون لاحداث التأثيرات المطلوبة في السلوك الذي يتخذه صناع القرار تجاه قضاياهم ومطالبهم، وتوجيهه لتحقيق مصالحهم المشتركة، (درويش: 1968: 201) مثل الاتحادات المهنية (اتحاد الصناعات، غرف التجارة، نقابة المحامين...). نقابات العمال، الجمعيات الاجتماعية والدينية، الشركات، البيوت المالية والاقتصادية، وغيرها. اذ تسعى هذه الجماعات للتأثير على أطراف صنع القرار للاهتمام بقضاياها ومشاكلها ودفعها لاتخاذ مواقف او قرارات لها صفة السياسات العامة لخدمة اهدافها وتحقيق مصالحها، لما تتمتع به من القوة والنفوذ المستمدين من العلاقات المتنوعة والمتداخلة مع راسمي السياسات العامة. (العزاوي: 2001: 62).
ان وجود قنوات مشتركة للاتصال الرسمي وغير الرسمي بين هذه الجماعات وبين راسمي السياسات العامة، يُعد مسالة اساسية لايصال مطالبهم وقضاياهم بالسرعة والكيفية المطلوبتين واقناعهم بضرورتها، واهميتها لادراجها ضمن مشاريع ولوائح السياسات العامة (عبد القوي، خيري: 1989: 115). وعليه فان راسمي السياسات العامة يضطرون الى المواءمة او الموازنة بين مطالب هذه الجماعات، خصوصاً اذا كانت متعارضة، وقد يستخدمون المساومة للخروج بحلول توفيقية مقبولة للجميع، ورغم ذلك، فان الجماعات الاحسن تنظيماً، والاوسع حجماً، والاكثر مواردا" والافضل قيادة، تضل اكثر تأثيرا" في توجيه كثير من السياسات العامة لصالحها على حساب الجماعات الاخرى الاقل تنظيماً، وسعة، وامكانيات، ليس هذا فحسب بل ان للمكانة الاجتماعية لهذه الجماعة او تلك، وتماسك اعضائها، ودرجة المنافسة بين هذه الجماعات، وموقف الاجهزة الحكومية من مطالبها، ونمط اتخاذ القرارات في النظام السياسي، وغيرها، أثرها الواضح في اتخاذ القرارات لصالحها. زيادة على اسهام الجماعات المصلحية في بلورة المطالب وتجميعها وايصالها وطرح البدائل للسياسات العامة المتعلقة بها. كما يقومون بتزويد المنفذين بالمعلومات الواقعية عن موضوعاتهم، خصوصاً حين تكون الموضوعات ذات طبيعة فنية، وبهذه الطريقة فانهم يسهمون في ترشيد السياسات العامة المرسومة. (اندرسون: 1999: 63).
أما اساليب الضغط التي تمارسها هذه الجماعات للتأثير على راسمي السياسات العامة، فانها تتباين من نظام سياسي لاخر، ومن دولة لاخرى منها:
وجود من يمثلها لدى الجهات الرسمية عند مناقشتها للوائح ومشاريع السياسات العامة.
التأثير على الرأي العام، واستمالته للضغط على السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالحها، او تحييده على الاقل لامرار مشاريعها بدون معارضة تذكر . (عبد القوى: 1989:116).

2_الاحزاب السياسية:

 يعرف الحزب بانه " تنظيم سياسي له صفة العمومية والدوام، وله برنامج يسعى بمقتضاه للوصول الى السلطة، (العزاوي: 1998: 58). كما عرف بانه: مجموعة من الافراد تربط بينهم روابط معينة، ومصالح مشتركة، ويهدفون الوصول الى السلطة او المشاركة فيها. (الهاشمي: 1990: 64). وعلى هذا فالحزب السياسي منظمة غير رسمية تنشأ في الوسط الاجتماعي باتفاق مجموعة من الافراد في ظرف، وزمن معينين، لتحقيق مجموعة من الاهداف من بينها استلام القيادة السياسية في المجتمع او المشاركة فيها. وغالباً ما توجد في معظم الانظمة السياسية السائدة في البلدان مهما كانت الابديولوجية الفكرية التي تؤمن بها مجموعتان من الاحزاب (حزبان او اكثر)، المجموعة الاولى: تقود السلطة السياسة في البلاد، والمجموعة الثانية: خارج السلطة السياسة (معارضة)، تتعقب خطوات المجموعة الاولى وتحصي  عليها اخطاءها، بهدف تأليب الرأي العام ضدها، تمهيداً لكسب التاييد الجماهيري وحشده لمساندتها، ومؤازرة افكارها وبرامجها التي غالباً ما تعرضها في وسائل الاعلام العامة او الخاصة بها، وفي اثناء الحملات الانتخابية المتنوعة. هذا ما يخص الانظمة ذات التعددية الحزبية مثل: فرنسا، لبنان، الهند، الباكستان، الارجنتين، كندا، والمانيا الاتحادية، وغيرها.
اما في الدول التي لا تؤمن بتعدد الاحزاب السياسية، وهي الدول ذات الحزب الواحد،  كالصين، والاتحاد السوفيتي (السابق)، وبعض الدول النامية الاخرى التي حذت حذوها، فانها تمتاز بسيطرة ذلك الحزب على كافة السـلطات الثلاث (التشريعيـة والتنفيذية والقضائية). وبالتالي فهو الذي يوجه هذه السلطات ويصنع السياسات العامة وينفذها. ولكن هذا لا يعني ان هذه الدول تخلو من التجمعات او الاحزاب الاخرى التي تعمل بصورة سرية للتأثير في الرأي العام بالاتجاه الذي يخدم مصالحها. ويشكل عامل ضغط  على الحكومة لتلبية بعض المطالب والقضايا التي تنادي بها هذه الاحزاب المعبرة عن المصلحة العامة في معظم الاحيان.
فالاحزاب السياسية تؤدي مجموعة من الوظائف في النظام السياسي، منها التعبير عن الرأي العام، وتوفير قدر من المشاركة في رسم السياسات العامة إذ انها تقوم بتجميع وبلورة المصالح وهي اداة من أدوات التنشئة السياسية، والمساهمة في اضفاء الشرعية على أنظمة الحكم المتنوعة (هلال: 2000: 168).
ان تأثير الاحزاب السياسية في رسم السياسات العامة، يمكن ان يتم خارج نطاق البناء السلطوي. أو داخله. اذ ان الاحزاب السياسية تقوم بمجموعة من الوظائف منها: بلورة المطالب والقضايا العامة التي تناقش عند رسم السياسات العامة، واثارة الرأي العام حولها، ومحاولة اقناع المواطنين بتبني المواقف التي تتخذها هذه الاحزاب للضغط على الحكومة، كما تعد وسيلة من وسائل الرقابة السياسة  على النشاط الحكومي. أما الشكل الاخر للتأثير في صنع السياسات العامة، فهو عندما تستلم هذه الاحزاب زمام السلطة، او مقاليد الحكم، فانها تقوم بتشكيل السلطة او تجديد بنيتها او تغيرها، وتحديد مساراتها وتوجيه عملية رسم السياسات العامة طبقاً للفلسفة التي تتبناها والتوجهات الفكرية التي تؤمن بها (الكاظم: 1991: 93) وبشكل عام فان الاحزاب السياسية سواء كانت خارج السلطة ام داخلها تقوم بدور المراقب بعضها على البعض الاخر، فأحزاب المعارضة تترصد حركة الحكومة وكيفية صنعها للسياسات العامة، وتنفيذها. بينما تقوم الاحزاب الحاكمة بشرح سياسات الحكومة ومواقفها، والدفاع عنها، والعمل على اقناع الرأي العام بصحتها، وقدرتها على تحقيق المصلحة العامة.
وعلى ايـة حال، فان الاحزاب الســـياسية تتميز عن الجمــاعات المصلحية (الضاغطة) بتبنيها  ومناصرتها للمواقف والســياسات التي تتســم بالنفع العام او الشـمولي. بينما تهتم الجماعات المصلحية بالقضــايا الصغيـــرة المتعلقة بمصالح اعضــائها الخاصة. (Lindblom: 1968: 44) .
وخلاصة القول، فان الاحزاب السياسية تمتلك القدرة على التأثير في رسم السياسات العامة سواء ً أكانت خارج السلطة أم داخلها، فعندما تكون خارجها، فانها تقوم بدور المدافع عن مصالح الجماهير الواسعة ومحاولة ايصالها الى اسماع صانعي السياسات العامة من خلال الضغط الجماهيري لتأخذ طريقها الى اسبقيات هؤلاء. اما عندما تكون داخل السلطة، سواء أكانت قائدة بمفردها للعملية السياسية المؤتلفة، كما يحصل في معظم البلدان الديمقراطية التي تأخذ بالتعددية الحزبية، كتركيا او الهند، وغيرها، فان هذه الاحزاب تمارس التأثير في صنع السياسات العامة من خلال قيادتها للسلطات الثلاث – كما اسلفنا سابقاً – وينطبق هذا القول على الدول ذات الحزب الواحد كالصين، والاتحاد السوفيتي (سابقاً).

3- الرأي العام (المواطنون):

ان لمطالب ورغبات الافراد (المواطنين) مكانةً وموقفاً مؤثراً في رسم السياسات العامة حتى في المجتمعات التسلطية او الديكتاتورية (Lindblom: 1968:45).ففي القرون الوسطى كانت الدول التقليدية على الرغم من أنظمتها المستبدة تحرص على سماع اصوات المواطنين وتلبية بعض مطالبهم لتقليل النقمة بين صفوفهم، والتخفيف من عدم الارتياح عندهم كما ان النظام في الاتحاد السوفيتي (السابق) لم يهمل جميع المطالب الفردية للمواطنين، بل كان يحرص على الاستجابة لبعض القضايا والمطالب لهذه المجموعة من المواطنين او تلك، فحرصه على الاستجابة لمطالب المستهلكين وترجمتها في سياسات الانتاج في السنوات الاخيرة التي سبقت انهياره، ما هو الا دليل على استجابة الانظمة مهما كان شكلها للراي العام ولو بدرجات وكيفيات متفاوتة (اندرسون: 268:1999).
كما ان الراي العام لايمثل بالضرورة راي الاغلبية (اصلا) بل يمكن ان يمثل راي فرد او مجموعة قليلة من الافراد تجاه مطلب او قضية معينة في ظروف ووقت معينين،ثم تطور واتسع بالتفاعل والاتصال ليكون رايا عاما لشريحة واسعة من المجتمع (الاسود:79:199 ).
والراي العام يمكن ان يؤثر في رسم السياسات العامة بطريقتين هما(حمادة:1993: 109).
الاولى: مايفرضه الراي العام على النشاطات والتصرفات الحكومية من قيود او حدود في رسم وتنفيذ السياسات العامة.اما الثانية:فهي الخوف الذي يسيطر على بعض راسمي السياسات العامة ومنفذيها من اتخاذ قرارات او مواقف يتوقع ان لا تحضي بتأييد او مساندة الراي العام.
ويعتقد (الموند) ان الراي العام يشارك في رسم السياسات العامة في المجتمعات الديقراطية،وذلك بوضع قيم  ومعايير وتوقعات للسياسات العامة، اما السياسات العامة ذاتها فهي من صنع جماعات متخصصة تتمثل بمراكز صنع القرار.(بسيوني:109: 1993). وعلى العموم يمكن القول بان المواطنين (الراي العام) لايصنعون السياسات العامة من جهة وليسوا بعيدين عنها تماما" من جهة  اخرى. فاتجاهات الراي العام، وتوقعاته  حول كيفية مواجهة بعض القضايا الاساسية لايمكن اهمالها من قبل صانعي السياسات العامة،بل تعد الاطار العام الذي يفترض ان يتحرك ضمنه هؤلاء،فهو يحدد ماهو مقبول،وما هو مرفوض ، وما هو ناجح او فاشل من قرارات وسياسات،خصوصا بعد تنفيذ تلك القرارات (بسيوني: 1993: 110) زد على ذلك حرص الاحزاب المتنافسة (في الانظمة الديمقراطية)على الحصول على اكبر قدر ممكن من اصوات الناخبين (الموطنيين) من خلال تبنى مشاكلهم ومطالبهم في البرامج والمشاريع الانتخابية التي ستصبح بعد ذلك مادة لصناعة السياسات العامة (Brady:1978:86) وعلى مستوى الافراد فان للانشطة العلمية والفكرية لبعض المفكرين وعلماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة،وغيرهم الاثر البالغ في توجهات وقرارات راسمي السياسات العامة عند قيامهم بصياغتها واتخاذ القرارات المتنوعة بشانها ومن ابرز الامثلة على ذلك مافعله (مارتن لوثلر كنك) عام   1960 في مجال الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة الامريكية. (اندرسون:1999: 99).
ان دائرة المؤثرين في رسم السياسات العامة قد لا تنحصر في الاطراف او الجهات الداخلية المذكورة في اعلاه (الجهات الرسمية وغير الرسمية) بل قد تتسع لتشمل اطرافاً خارجية، سواءً أكانت منظمات دولية، كالامم المتحدة، مجلس الامن الدولي، البنك الدولي للتنمية والاعمار، منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك)، منظمة الطاقة الذرية، وغيرها، ام اتحادات دولية، كالاتحاد الاوربي، مجلس الجامعة العربية او دولة واحدة ذات قوة اقتصادية وعسكرية متفوقة. ومن الامثلة على تأثير هذه الجهات، سياسة الاصلاحات التي تبنتها الحكومة التركية بتأثير من الاتحاد الاوربي بوصفها من شروط انضمام تركيا الى عضويته، والتغير الذي أحدثته الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها في أفغانستان والعراق بالقوة العسكرية، وتحديد السياسات المتعلقة بانتاج النفط واسعاره بالنسبة للدول المنتجة للنفط الاعضاء في منظمة (الاوبك)، والسياسات التي فرضت على المانيا الغربية، واليابان في مجال قواتها المسلحة بعد انتصار الحلفاء عليها في الحرب العالمية الثانية، وغير ذلك كثير.

ثالثاً: عمليات رسم السياسات العامة

لا تتميز عملية رسم السياسات العامة بالبساطة ووضوح المعالم وانما هي عملية غامضة، غاية في التعقيد والتشابك، تشارك في صياغتها اطراف وجهات متعددة داخلية وخارجية – كما ذكرنا في الفقرات السابقة – لكل منها قيم ومبادئ ومصالح لا تنسجم مع الاخر كلاً او جزءً، كما وان طرائق صناعة السياسات العامة هي الاخرى متعددة ومتباينة بحسب تباين الاعتبارات والجهات المشاركة في صنعها، فضلاً عن انها قد تتضمن اختياراً واعياً ومدروساً لاهداف جماعية، وتتخذ – تبعاً لذلك – قرارات سلطوية ملزمة للجميع بعد إتخاذها صفة السياسة العامة، مع ما في ذلك من صعوبة التوفيق بين اهداف ومصالح الجماعات او الفئات المتباينة المؤثرة والمتأثرة بالسياسات العامة. والنموذج التالي يوضح عمليات رسم السياسات العامة.
     تفاعل
راسمي السياسات العامة        الحكومة                             مشاكل        
ذ
                                                          تشريع او رسم
                                                          سياسات عامة
                                                          تستلزم الوقوف
                                                                  أزاء
                     نتائج تؤثر على   عملية الاختيار والاداء
شكل رقم (1)
يوضح عملية رسم السياسات العامة (Source: Mitchell: 1968: 392 )
ان عملية رسم السياسات العامة لايمكن فهمها مالم يؤخذ بعين الاعتبار كل عنصر من عناصر الشكل السابق، أذ ان كلاً منها يساعد في تعريف من يقوم برسم السياسة العامة، وكيفية رسمها، والزمن الملائم لذلك، ونتائج تفاعل المعنين او المسؤولين عن رسم السياسات العامة. ولمعرفة عملية صنع السياسات العامة، لا بد من معرفة الخطوات التي تمر بها هذه العملية، وهي: (المنوفي: 1987: 293-297)
1-معرفة وتحديد القضايا والمشاكل العامة الناجمة عن مطالب ورغبات المواطنين غير المجابة والمشبعة. وقد سبق الكلام عن هذه الخطوة بالتفصيل في الفقرات السابقة.
2- تحديد بدائل السياسات العامة، بعد جمع المعلومات والحقائق واستشارة الجهات المعنية او ذات المصلحة الحقيقية بالمشكلة قيد الدراسة، وتشكيل لجان على مستوى الجهاز التشريعي (البرلمان)، او الجهاز التنفيذي (الوزارات) لتقصي المعلومات، وسماع آراء الخبراء والمختصين من فنيين واداريين وقضاة ويتم تحديد مجموعة من البدائل المحتملة لتحقيق الاهداف العامة الموضوعة لها، وتلبية حاجات ورغبات المواطنين، في حدود الموارد المتاحة والمخصصة لكل منها.
3- اختيار السياسة المناسبة: في هذه المرحلة تجري عملية ومناقشة كل بديل من بدائل السياسات العامة المقترحة التي قد تكون على شكل برامج او مشاريع للخدمات العامة، او مسودات ولوائح للانظمة والقوانين التي يراد اصدارها لمعالجة موضوع معين، او استثمار فرصة ما  او تجنب تهديد معين، وغير ذلك. اذ تخضع بدائل السياسات العامة المقترحة للنقاش داخل المؤسسة الحكومية وفق دساتير الدول، والمبادئ او القواعد المتعارف عليها، فضلاً عن المناقشة التي تجرى حولها في المؤتمرات العامة، او الخاصة بالاحزاب والجماعات المصلحية، والحملات الانتخابية، ووسائل الاعلام المتنوعة. اذ يؤدي هذا التفاعل الى اختيار احد البدائل المطروحة، بوصفه معبراً عن السياسة العامة الاكثر قبولاً من قبل الاطراف المستفيدة والمعنية برسم السياسات العامة.
 ان النقاش او التفاعل الذي يجري بين المستفيدين والمعنيين برسم السياسات العامة يمكن ان ياخذ احد الصيغ او الانماط التالية:
   أ:           المساومة
ب:          المنافسة
  ج:          الصراع
   د:           الامر او الفرض
هـ:          التعاون

أ. المساومة:

تعرف المساومة بانها: " عملية تفاوض بين شخصين او اكثر ممن  يتمتعون بالسلطة او الصلاحية للاتفاق على حل مقبول ولو جزئياً لمصلحة اهدافهما، وليس بالضرورة ان يكون حلاً مثالياً. (اندرسون: 1999: 107)، فهي اذن، " التوصل الى مبادلات مفيدة للطرفين "، (المنوفي: 1987: 295). وعليه فان المساومة هي محاولة الوصول الى تبادل منافع مشتركة بين المتساومين وفقاً لقاعدة (خذ واعط). أي ان كل فرد او مجموعة من الافراد تجد ان ما تصبو اليه من منافع متوافرة تحت سيطرة فرد او جماعة اخرى، ليس بمقدورها ان تحصل عليها كلاً او جزءً الا بتقديم شيء ما يرغب به الطرف الاخر، او الوعد بتقديمه في زمان ومكان وكيفية معينة بالمستقبل، ومن الشروط الواجب توافرها لإتمام المساومة: توافر الرغبة لدى المتساومين، ووجود شئ ما عند كل مساوم يرغب به المساوم الآخر، مثال ذلك، وجود شخص يبحث عن وظيفة محاسب ووجود شركة بحاجة الى موظف يجيد مهنة المحاسبة. ولكن طرفي المساومة قد لا يكونان بالقوة نفسها، او المستوى من الحاجة للشيء موضع المساومة، مما يؤدي الى تقديم تنازلات اكثر من قبل الطرف الأضعف الذي يخضع بتأثير حاجته الملحة، للطرف الاخر، وهذا ما يمكن ان نسميه بالمساومة غير المتكافئة او غير المتوازنة، امّا المساومة المتوازنة فهي التي يكون فيها طرفا المنافسة متساويين او متعادلين من حيث القوة، ومستوى الحاح الشعور بالحاجة للشيء قيد المساومة. كما يمكن ان تكون المساومة غامضة او ضمنية بطبيعتها، خصوصاً حين تعقد الاتفاقات بين أطراف المساومة على أساس وعود مستقبلية، مثل الاتفاقات التي تحصل بين الكتل السياسية في البرلمانات، عندما تقوم مجموعة من الأعضاء بدعم موقف مجموعة أخرى في أثناء المناقشات او التصويت، على أمل الحصول على تأييدهم لمواقفهم في المستقبل. (Mitchel: 1969: 438) كما قد تكون علنية، ذلك حينما يحدد كلّ من المتساومين مطالبه وشروطه بشكل واضح ومكتوب منعاً للالتباس وسوء الفهم الذي ينتاب المساومات الضمنية وغير المكتوبة، وقد جرت مثل هذه المساومات (العلنية) عندما وافق الرئيس الامريكي (جونسون) عام 1968 على زيادة الضرائب على الدخل، مقابل تخفيض النفقات (اندرسون: 1999: 108)، وفي جميع انواع المساومة، المتوازنة وغير المتوازنة، العلنية والضمنية، يجب ان يكون المساوم عارفاً، امكانياته وقدراته، وامكانيات وقدرات الاخرين،، وما يرغبون فيه، والظروف والمواقف الملائمة، من حيث المكان والزمان التي بستطيع فيها ان يحصل على اكبر قدر ممكن من المنافع باقل قدر ممكن من التضحيات  علماً ان هذه المعلومات-غالباً ما - يصعب الحصول عليها، وان المتوافر منها قد تنقصه الدقة.

ب. المنافسة:

  تعرف المنافسة بانها:- نشاط يمارسه طرفان او اكثر بهدف الوصول الى الغاية نفسها (المتوفي: 1987: 296) أي ان المنافسة تحصل عند وجود شخصين  (أ وجهتين) أو اكثر تتعلق رغبتهما او اشباع حاجتهما بالحصول على شئٍ ما يمتاز بالندرة النسبية، وان حصول أي منهما عليه يمنع الآخر من الحصول عليه كلاً او جزءً، كالمنافسة بين الاحزاب السياسية على اصوات الناخبين، المنافسة بين المؤسسات الحكومية للحصول على اكبر قدر من الموارد النادرة، وتتنافس الدول مع بعضها للحصول على الموارد الاقتصادية (الاسواق) او المكانة وغيرها. ومن الشروط الواجب توافرها في المنافسة، وجود طرفين او اكثر (حزبين، دولتين، جماعتين مصلحيتين)، ووجود هدف معين (موارد اقتصادية، اصوات ناخبين، مقعد في البرلمان،...، الخ)، يمتاز بالندرة النسبية أي عدم كفاية ما متاح منه لتلبية حاجات المتنافسين جميعاً، واخيراً يكون لكل طرف من الاطراف المتنافسة الرغبة بالاستحواذ عليه وحده، ومنع الاخرين من الحصول عليه.   وعلى ذلك فان المتنافسين يعمد كل منهم الى تحقيق غايته دون تقديم ادنى نفع للاخر، بينما يحاول المتساومون تشجيع بعضهما البعض الاخر على قبول موقف او ظرف قد يفيد الجميع. غير ان هناك مواقف معينة تضطر المتنافسين الى اللجوء الى المساومة عندما يتعرض وجودهما معاً الى الخطر. مثال ذلك تكوين الحكومات الائتلافيـة او قبــول المعارضــة ببعض المكاسـب التي تقدمها لها الحكومة. (Mitchell: 1969: 447 ).

ج- الصراع:

 الصراع هو حاله من حالات التفاعل التي تحصل بين طرفين يفوز أحدهما بما يطمح أليه ولا يوفق الطرف الآخر إلى ذلك وإنما يتحمل كلفة فوز خصمه وقد ينشأ الصراع عن موقف تنافسي ,أي أن المنافسة قد تتطور لتصل إلى حالة من حالات الصراع عندما يحاول أحدهما تنحية الآخر أو إبعاده عن الموقف ,أو تحميله تكاليف لا يطيق تحملها.
كما أن الصراع يمكن أن يكون سلميا" عندما لا يتحول إلى جلب الأذى للطرف الآخر ,وينتهي عند حد التهديد والوعيد ,وربما يتخذ الصراع طابع المساومة وتحقيق بعض المنافع للطرفين ,وقد يكون عنيفا" يؤدي إلى إيقاع الأضرار بأحد الطرفين المتصارعين او كليهما ,وينتهي بفوز احدهما مقابل خسارة الاخر ,او تدمير سمعته او مركزه الاقتصادي او الاجتماعي ,او تجريده من القدرة على المنافسة. ((Mitchell: 1968:460
  أن نتائج الصراع قد تؤدي الى الحقد والتعصب والاستياء لدى الطرف الخاسر ,فيتحين الفرص او المواقف المؤاتيه للانتصار لنفسه في المستقبل ,لذلك فان الصراع على الرغم من فوائده ,يظل حاله مؤذيه غير مرغوبة, والصراع يمكن ان يكون علنيا" عندما تكون أطرافه معروفة ,كالصراع بين الدول, أو الصراع بين أحزاب المعارضة والأحزاب الحاكمة ,وغيرها ,وقد يكون ضمنيا" ليس من السهولة ملاحظته من قبل الآخرين خارج حلبة الصراع ,كصراع بعض الكتل أو المجموعات السياسية داخل الحزب الواحد ,او داخل البرلمان , او غير ذلك.

د-الأمر أو الفرض: command:

 يعرف الأمر بأنه:إصدار الأوامر والتعليمات  من الأعلى إلى الأدنى في المنظمة الواحدة. ويتم عبر سلسلة الاتصال والإمرة ,من الرؤساء إلى المرؤوسين لتوجيههم وحثهم على تأييد مواقفهم وتبني برامجهم باستخدام منظومة التحفيز (الثواب والعقاب) للمؤيدين والمعارضين. ويعد هذا الاسلوب في صنع القرار السياسي أكثر شيوعا" وأستخداما" في الانظمة الاســتبدادية أو الفردية ,وفي المنظومات العسكرية (أندرسون:111:1999).                                                        

هـ- الإقناع والتعاون:

 ان الإقناع هو  ان يستميل احد الأطراف الطرف الآخر ويحصل على تأييده على مواقفه اوعرضه حول قضية أو مطلب ما بعد اقتناعه بسلامة الرأي أو القضية المعروضة عليه. أي ان احد الاطراف يجعل الطرف الآخر يقتنع بوجهة نظرة او موقفه بناء" على حقائق معينة كانت غائبة ,او معلومات  كانت غير متوافرة , أو مصالح يمكن أن تتحقق لم تكن واضحة للطرف الاخر ,وقد يجتمع كل ذلك (اندرسون:110:199) ,مما يؤدي الى أيجاد نوع من التعاون بينهما ,فالتعاون اذن يأتي نتيجة لاقتناع الاطراف بعضها بقضايا البعض الآخر.واتفاقهم على تحقيق أهداف مشتركة , وبدون أن يحاول أي منهم تحقيق مصالحه وأهدافه الشخصية على حساب الطرف الاخر. أن أي مجتمع لا يستطيع إنكار وجود التعاون بين الجماعات او الاحزاب السياسية لتحقيق طموحات ,و أهداف يسعون جميعا" من أجل تحقيقها والتعاون يؤدي بشكل عام الى تحقيق نتائج ايجابية وغير مكلفة ,وقد حثّ الاسلام الحنيف على التعاون الإيجابي ,اذ قال تعالى في كتابة المبين (وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان), والنصّ القرآني ينهي عن التعاون السلبي الذي يضرّ بالمجتمع كالتآمر للاضرار بمصالح الآخرين وما تقوم به عصابات التهريب والسرقة   ,وغير ذلك Mitchal:1969:472))

رابعاً:مستويات السياسات العامة

أن الجهات المعنية برسم السياسات العامة ,المذكورة انفا" ,لاتسهم كلها في رسم جميع السياسات العامة على تنوع موضوعاتها ومستوياتها ,اذ ان قسما"منها يستحوذ على اهتمام جميع المعنين بفئاتهم وشرائحهم المتنوعة مختصين او مواطنين عاديين , بينما  لا يشير القسم الاخر منها إل الى اهتماما"محدودا" مقارنة بالنوع الأول.وانسـجاما" مـع ذلك، فقد طرح (ردفورد) ثلاثة للسياسات العامة هي (Redford: 53:1969)

1.المستوى العام:(Macro politics)

وهي المطالب والقضايا أو المشاكل التي تهم الرأي العام ,او شرائح وفئات متعددة منه ,كالأحزاب السياسية ,أصحاب الدخل المحدود من الموظفين والعمال ,مشاكل انخفاض مستوى الاجور وارتفاع أسعار السلع والخدمات , قضية الحرب الأمريكية مع فيتنام (بالنسبة للشعب الأمريكي), قضية عضوية تركيا في الاتحاد الأوربي (بالنسبة للشعب التركي) قضية "كشمير " بالنسبة لشعبي الهند والباكستان ,وقضية الانتفاضة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني للأرض العربية بالنسبة للشعب العربي والشعوب الإسلامية ,وغيرها كثير.وقد تبدأ القضية على نطاق محدود لفئة اجتماعية او سياسية واحدة ,أو مجموعة من المواطنين ثم تتطور الى قضية عامة بسبب تعاطف فئات واسعة من المواطنين معها.
 ان القضايا الكلية او العامة  تحضي باهتمام ومشاركة الاحزاب السياسية ,وقادة الجماعات المصلحية والضاغطة ,ووسائل الاعلام وسرعان ما تتسع دائرة الاهتمام لتشمل المعنيين برسم وتنفيذ السياسات العامة فيقومون بتحليلها وإخضاعها للنقاش بسبب وضوحها وسهولتها ,وسرعة التوصل الى وضع الحلول المناسبة لها  ومن المفيد ان نذكر ان ما يميز السياسات العامة الكلية عن غيرها من السياسات هو تدخل رؤساء الدول فيها (قيادة السلطة التنفيذية) لانها تعبر عن المصلحة العامة , وان القضايا التي يطرحها رئيس الدولة عادة ً ما تحظى باسبقية خاصة على غيرها من القضايا الاخرى التي تطرح للنقاش ,باعتباره موجهاً للسياسات العامة, وتحديد مضامينها وابرز مثال على ذلك ما فعلته ادارة الرئيس الامر يكي (نيكسون) من دور في السياسات العامة الموجهة لمحاربة الفقر في الولايات المتحدة الامريكية.(اندرسون: 1999: 74).
السياسات الجزئية هي تلك التي تصنع استجابة لقضية او مطلب فرد واحد أو جهة او منطقة معينة ,كإعفاء شركة ما من اداء الضريبة , او تخفيضها عنها او اقامة مشروع لاسكان موظفي احدى المؤسسات ,او تلبية مطلب مدينة ما لتعبيد طريق خاص بها ,وهكذا فهي اذن قضايا او مطالب محدودة لشخص او شركة او منطقة معينة ,فالسياسة العامة هنا ترسم لصالح جهة واحدة ,او عدد قليل من الأفراد ومهما كانت الفائدة المتأتية منها عظيمة لهؤلاء ,فان المتأثرين والمنتفعين بها هم حفنة من الأفراد مقارنة بالمجموع الذي لم يتأثر بها (اندرسون:1999:70)
وكثيرة هي القرارات التي تصدر من هذا النوع لصالح جهة معينة او اشخاص معدودين بتأثير شخصي من قبل المستفيدين , او احد الموظفين العموميين في جهاز الحكومة الاداري , او احد اعضاء البرلمان فهي لا تتطلب تهيئة موارد وامكانات كبيرة لتنفيذها , ولا تشغل اجهزة الاعلام بها ,مع كونها تؤدي الى حرمان جهات اخرى او تتخذ على حسابها , فتخفيض الضريبة عن شخص او شركة معينة لا يضر بمصلحة شركة اخرى ,كما ان الرأي العام لا ينشغل بهذه القرارات ,ولا يهتم بها ,ولا يعرف أي شيء عنها. وكلما زادت برامج الدولة ,وتوسعت نشاطاتها , زادت الاثار التي تحدثها ,والمنافع التي تعود على المجتمع افراد وجماعات ,وهذا ما يزيد من حجم وعدد السياسات العامة الجزئية ,كما يمكن ان تعد السياسات العامة المتعلقة بحل القضايا القطاعية ,كالزراعة والصيد , والملاحة وغيرها من هذا النوع من السياسات.

3. المستوى المحلي (الاقليمي):Local politics

 ويقصد بها السياسات التي تتناول القضايا والمشاكل التي تخص المحافظات او الاقاليم المحلية او الولايات في الحكومة الاتحادية ,مثل مشكلة ملوحة المياه في محافظة البصرة (جنوب العراق) ,او ازدحام المرور في العاصمة بغداد ,او ارتفاع مناسيب المياه الجوفية في
محافظات الفرات الاوسط وهكذا فان هذه القضايا ,كما هو واضح تهم المواطنين في محافظة واحدة او مجموعة من المحافظات (إقليم) ,ولا تعني المواطنين في المحافظات الاخرى لعدم تأثرهم بها اذ ان موضوعات من هذا النوع لا تجلب اهتمام اغلب المواطنين الذين هم خارج دائرة التأثر ,وعلية فان تلبية المطالب وحل المشاكل المحلية او الاقليمية غالبا" ما توكل الى الحكومات المحلية او حكومات الأقاليم التي لكل منها استقلالها وسلطاتها في جمع المعلومات وتحليلها , وتحديد الأسبقيات , وصياغة السياسات العامة اللازمة والمرتبطة بكل منها في ضوء صلاحياتها ,ومسؤولياتها المحدودة لها ,بالتنسيق مع الأجهزة الحكومية المركزية المختصة.

الخلاصة:

لقد تبين من خلال البحث أن اهم التحديات التي تواجه صانعوا السياسات العامة هي تلك التي تتمثل بأدراك مشاكل المواطنين، والاستجابة لها بالكيفية التي تحقق أعلى درجات الرضا، وتقديم افضل الخدمات الممكنة لهم مع الاخذ بنظر الاعتبار الاسبقيات أو تقديم الاهم على المهم عند التعامل مع حل المشاكل او تلبية طلبات المواطنين خصوصاً عند عدم كفاية الموارد المادية والبشرية والمالية وغيرها.
ان عملية صنع السياسات العامة ليس بالامر اليسير، فقد وجد ان هناك العديد من الجهات التي تشارك في هذه العملية كالاحزاب السياسية،والجماعات المتنفذة، والنخب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والشخصيات الدينية، والقانونية والسياسية وعامة المواطنون، اضافة الى القيادات الادارية بمستوياتها المتنوعة المتواجدة في جميع اجهزة الدولة ذات الصلة بصنع السياسات العامة، كالجهاز التشريعي والتنفيذي، والقضائي. حيث ان عملية صنع السياسات العامة تمر بالعديد من المراحل منها: معرفة مطالب ورغبات المواطنين غير المشبعة او الكامنة، ومن ثم تحديد البدائل او الاولويات او وضع جدولة زمنية لهذه المطالب بحسب المتاح من الموارد المتنوعة والامكانات المتوفرة لاجهزة الدولة ذات الصلة بهذه المطالب والرغبات وصولاً الى الخطوة الاخيرة التي تتمثل في اختيار السياسة او السياسات العامة التي ينجم عنها حل المشكلة او اجابة واحد او اكثر من مطالب المواطنين.

المصادر

اولاً: المصادر العربية

1-الاسود، صادق، " الراي العام: "ظاهره اجتماعية، وقوة سياسية "، (بغداد، دار الحرية للطباعة والنشر،) 1993.
2-اندرسون ,جيمس ,"صنع السياسات العامة " ترجمة الدكتور عامر الكبيسي,ط1 ,(عمان ,دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة) ,1999.
3-جابريل ,والموند ,"السياسات المقارنة في وقتنا الحاضره نظرة عالمية",ترجمة عبدالله ,هشام (عمان ,الدار ,الاهلية للنشر والتوزيع ,1998).
4- الجمل ,يحيـى، " الانـظمة السياســية المعاصـرة "، (القاهرة، دار النهضة العربية، ) بلا سنة طبع.
5- حمادة، بسيوني ابراهيم، " دور وسائل الاتصال في صنع القرارات في الوطن العربي "، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية)، 1993.
6- درويش، ابراهيم، " النظام السياسي:دراسة فلسفية تحليلية "، (القاهرة، دار النهضة العربية، 1968).
7- سرحان، احمد، " النظم السياسية الدستورية في لبنان والدول العربية "، (بيروت، دار الباحث)، 1980 .
8- عبد القوي، خيري، " دراسة السياسة العامة "، (الكويت، منشورات ذات السلاسل)، 1989 .
9- عليوه السـيد،  ودرويش ,عبدالكريم ,"دراسـات فـي السياســات العامة وصنع القرار "، بلا سنة طبع.
10- العزاوي , وصال نجيب ," السياسات العامة:حقل معرفي جديد ",(بغداد , مركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد) , 2001.
11-  العويني، محمد علي، " اصول العلوم السياسية:   نظرية الدولة، الفكر السياسـي،  
الرأي العام والاعلام، والعلاقات الدولية "، (القاهرة، عالم الكتاب)، 1981 .
12- المنوفي، كمال، " اصول نظم السياسة المقارنة "، ط1، (الكويت، شركة الربيعان للنشر والتوزيع)، 1987.
13- الهاشمي، طارق، " الاحزاب السياسية "،(بغداد، مطابع التعليم العالي)،1990.
14- هلال، علي الدين،وسعد، نيفين،  " النظم السياسية العربية: قضايا الاستمرار والتغير "، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية)، 2000.

ثانياً: المصادر باللغة الانكليزية

1- Brady , David ,W. ," Critical Elections,Congressional Parties and Clusters of Policy Changes " , British Journal of Political Science, (VIII ,January 1978).
2- Cobb,Roger W.and Edler,charles D.;”participation in american politics: the daynamics of Agenda-setting ;(Boston ;Allyn and        Bacon;1972).                                                                                                   
3- Dye, Thomas R.,”Understanding public policy “; 3rd .Ed .(U.S.A, Prentice –Hall ,lnc. Englewood cliffs.N.J.1978).
4- Dunny, William N.,”Pubic policy Analysis: A introducation, (Inc.Englewood cliffs ,N.J.1979).                                                       
5- Dror,Y.,”public policy making Reexamined “ ,(U.S.A,chandlre publishing Co.,1968).                                                                             
6- Edwards ,George ,C.&sharkansky , Ira”,The policy predicament “
(San francisco ;W.H Freeman &Company:1978).                                           
7- Lipsky ,Micheal ,”protest as Apolitical Resourcer” ;American political science Review;(Lx11,Decemder,1968).
8- Lindblom,charles E. ," The Policy –Making Process” , (Englewood Cliffs,N.J. Printice-Hall , 1968).                                                             
9- Lowi ,Theodore J. ,”American Business public policy: case studies       and political Theory “ ; world politics ,xvl ,(July ,1964 ).     
10- Mitchell ,Joyce.M. and Mitchell,william,C.;”political Analysis & puplic policy: An introduction to political science ",(chicago;Rand  and company ;1969).                                                                                          
11- Smith , David G.,  "Progmastism and   the group   theory   of  politics “ , American Political Science Review ; Lv111 ,(September,1964).  
12- Redford ,Emmetts ,S.;”Democracy in the Adminstrative State, (London ,oxcford university press,1969).
13- Smith ,David G.”Pragmatism & the Group theory of politics “,American Politiccal science Review Lv111(september,1964).                     
                                                                             
14- Simons ,Rebert .H. & dvorin ,Eugene ,p.,”Public Administration :values ,policy ; and  change”) (U.S.A:Alfred Publishing Co. lnc.1977).           
15- walker ,Jack L.,”Setting The Agenda in the U.S.A;Atheory of problemselection ;”The British Jornal of political science” ;(vol.7,october,1977).
16-  Zeigler , Harmon , and Daten , Hendrick; " Interest Group in the states "; In Jacob, Herbert & vines, Kenneth N (Eds). Politics in the American states ", 2nd. Edition, (Boston; little, Brown,1971